الحق يكون بثلاثة أمور إما بجهل القلب، وبعدم سماع المواعظ والحجج، أو بالإمساك عن شهادة التوحيد وتلاوة الذكر، فهذه أصول الضلال، وأما أفعال المعاصي ففروع عليها.
[فصل في التقسيم، وما ورد فيه من الشعر] وصحة التقسيم باب من أبواب علم البيان، ومنه قوله سبحانه: ﴿ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه، ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات﴾ (1).
وهذه قسمة صحيحة، لان المكلفين: إما كافر، أو مؤمن، أو ذو المنزلة بين المنزلتين، هكذا قسم أصحابنا الآية على مذهبهم في الوعيد.
وغيرهم يقول: العباد: إما عاص ظالم لنفسه، أو مطيع مبادر إلى الخير، أو مقتصد بينهما.
ومن التقسيم أيضا قوله: (وكنتم أزواجا ثلاثة فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة والسابقون السابقون) (2) ومثل ذلك.
وقوله تعالى: (هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا) (3)، لان الناس عند رؤية البرق بين خائف وطامع.
ووقف سائل على مجلس الحسن البصري، فقال: رحم الله عبدا أعطى من سعة، أو واسى من كفاف، أو آثر من قلة! فقال الحسن: لم تترك لأحد عذرا.