نحن في المشتاة ندعو الجفلى * لا ترى الآدب فينا ينتقر (١) وفي هذا الكلام دلالة على أن الجنة الآن مخلوقة، وهو مذهب أكثر أصحابنا.
ومعنى قوله: " وزروعا " أي وغروسا من الشجر، يقال: زرعت الشجر، كما يقال:
زرعت البر والشعير، ويجوز أن يقال: الزروع: جمع زرع وهو الانبات، يقال: زرعه الله أي أنبته، ومنه قوله تعالى: ﴿أفرأيتم ما تحرثون. أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون﴾ (2). ولو قال قائل: إن في الجنة زروعا من البر والقطنية (3) لم يبعد.
قوله: ثم أرسلت داعيا يعنى الأنبياء، وأقبلوا على جيفة، يعنى الدنيا، ومن كلام الحسن رضي الله عنه: إنما يتهارشون على جيفة.
وإلى قوله: " ومن عشق شيئا أعشى بصره " نظر الشاعر فقال:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة * كما أن عين السخط تبدى المساويا (4) وقيل لحكيم: ما بال الناس لا يرون عيب أنفسهم، كما يرون عيب غيرهم؟ قال: إن الانسان عاشق لنفسه، والعاشق لا يرى عيوب المعشوق.
قد خرقت الشهوات عقله، أي أفسدته كما تخرق الثوب فيفسد.
وإلى قوله: " فهو عبد لها ولمن في يديه شئ منها " نظر ابن دريد، فقال:
عبيد ذي المال وإن لم يطمعوا * من ماله في نغبة تشفى الصدا وهم لمن أملق أعداء وإن * شاركهم فيما أفاد وحوى