أمره له بأنه نهى من حيث كان فيه معنى النهى، لان في النهى ترغيبا في الامتناع من الفعل، وتزهيدا في الفعل نفسه، ولما كان الامر ترغيبا من فعل المأمور، وتزهيدا في تركه جاز أن يسمى نهيا.
وقد يتداخل هذان الوضعان في الشاهد، فيقول أحدنا: قد أمرت فلانا بألا يلقى الأمير، وإنما يريد أنه نهاه عن لقائه، ويقول: نهيتك عن هجر زيد، وإنما معناه أمرتك بمواصلته (1).
يقال له: هذا خلاف الظاهر، فلا يجوز المصير إليه إلا بدلالة قاطعة تصرف اللفظ عن ظاهره، ويكفي أصحاب أبي هاشم في نصرة قولهم: التمسك بالظاهر.
واعلم أن بعض أصحابنا تأول هذه الآية، وقال: إن ذلك وقع من آدم عليه السلام قبل نبوته، لأنه لو كان نبيا قبل إخراجه من الجنة، لكان إما أن يكون مرسلا إلى نفسه، وهو باطل، أو إلى حواء وقد كان الخطاب يأتيها بغير واسطة، لقوله تعالى:
(ولا تقربا) أو إلى الملائكة، وهذا باطل، لان الملائكة رسل الله، بدليل قوله:
(جاعل الملائكة رسلا) (2)، والرسول لا يحتاج إلى رسول آخر، أو يكون رسولا وليس هناك من يرسل إليه، وهذا محال. فثبت أن هذه الواقعة وقعت له عليه السلام قبل نبوته وإرساله.
* * * الفصل الثالث في خطئهم في التبليغ والفتاوى قال أصحابنا: إن الأنبياء معصومون من كل خطأ يتعلق بالأداء والتبليغ، فلا يجوز