لا صغيرا ولا كبيرا، لا عمدا ولا خطأ، ولا على سبيل التأويل والشبهة، وهذا المذهب مما تفردوا به، فإن أصحابنا وغيرهم من المانعين للكبائر قبل النبوة لم يمنعوا وقوع الصغائر منهم إذا لم تكن مسخفة منفرة.
وأطردت الامامية هذا القول في الأئمة فجعلت حكمهم في ذلك حكم الأنبياء في وجوب العصمة المطلقة لهم قبل النبوة وبعدها.
* * * الفصل الثاني في عصمة الأنبياء في زمن النبوة عن الذنوب في أفعالهم وتروكهم عدا ما يتعلق بتبليغ الوحي والفتوى في الاحكام جوز قوم من الحشوية عليهم هذه الكبائر وهم أنبياء، كالزنا واللواط وغيرهما، وفيهم من جوز ذلك بشرط الاستسرار دون الاعلان، وفيهم من جوز ذلك على الأحوال كلها.
ومنع أصحابنا المعتزلة من وقوع الكبائر منهم عليهم السلام أصلا، ومنعوا أيضا من وقوع الصغائر المسخفة منهم، وجوزوا وقوع الصغائر التي ليست بمسخفة منهم. ثم اختلفوا فمنهم من جوز على النبي الاقدام على المعصية الصغيرة غير المسخفة عمدا (1)، وهو قول شيخنا أبى هاشم رحمه الله، فإنه أجاز ذلك وقال أنه لا يقدم عليه السلام على ذلك إلا على خوف ووجل، ولا يتجرأ على الله سبحانه.
ومنهم من منع من تعمد إتيان الصغيرة، وقال: إنهم لا يقدمون على الذنوب التي يعلمونها ذنوبا، بل على سبيل التأويل ودخول الشبهة، وهذا قول أبى على رحمه الله تعالى.