(98) الأصل:
ومن خطبة له عليه السلام:
نحمده على ما كان، ونستعينه من أمرنا على ما يكون، ونسأله المعافاة في الأديان، كما نسأله المعافاة في الأبدان.
أوصيكم بالرفض لهذه الدنيا التاركة لكم وإن لم تحبوا تركها، والمبلية لأجسامكم وإن كنتم تحبون تجديدها، فإنما مثلكم ومثلها كسفر سلكوا سبيلا فكأنهم قد قطعوه، وأموا علما فكأنهم قد بلغوه. وكم عسى المجرى إلى الغاية أن يجرى إليها حتى يبلغها! وما عسى أن يكون بقاء من له يوم لا يعدوه، وطالب حثيث من الموت يحدوه، ومزعج في الدنيا عن الدنيا حتى يفارقها رغما!
فلا تنافسوا في عز الدنيا وفخرها، ولا تعجبوا بزينتها ونعيمها، ولا تجزعوا من ضرائها وبؤسها، فإن عزها وفخرها إلى انقطاع، وزينتها ونعيمها إلى زوال، وضراءها وبؤسها إلى نفاد، وكل مدة فيها إلى انتهاء، وكل حي فيها إلى فناء.
أوليس لكم في آثار الأولين مزدجر، وفي آبائكم الأولين تبصرة ومعتبر، إن كنتم تعقلون!
أولم تروا إلى الماضين منكم لا يرجعون، وإلى الخلف الباقين لا يبقون!
أولستم ترون أهل الدنيا يمسون ويصبحون على أحوال شتى: فميت يبكى، وآخر يعزى، وصريع مبتلى، وعائد يعود، وآخر بنفسه يجود، وطالب للدنيا