ذلك، بالإضافة إلى قدرته تعالى، وإلى ما غاب عنا سلطانه. ثم تعجب من سبوغ نعمه تعالى في الدنيا، واستصغر ذلك بالنسبة إلى نعم الآخرة، وهذا حق لأنه لا نسبة للمتناهي إلى غير المتناهي * * * الأصل:
منها:
من ملائكة أسكنتهم سماواتك، ورفعتهم عن أرضك، هم أعلم خلقك بك، وأخوفهم لك، وأقربهم منك، لم يسكنوا الأصلاب، ولم يضمنوا الأرحام، ولم يخلقوا من ماء مهين، ولم يتشعبهم ريب المنون، وإنهم على مكانهم منك، ومنزلتهم عندك، واستجماع أهوائهم فيك، وكثرة طاعتهم لك، وقلة غفلتهم عن أمرك، لو عاينوا كنه ما خفى عليهم منك، لحقروا أعمالهم، ولزروا على أنفسهم، ولعرفوا أنهم لم يعبدوك حق عبادتك، ولم يطيعوك حق طاعتك.
سبحانك خالقا ومعبودا! بحسن بلائك عند خلقك خلقت دارا، وجعلت فيها مأدبة مشربا ومطعما وأزواجا، وخدما وقصورا، وأنهارا وزروعا وثمارا.
ثم أرسلت داعيا يدعو إليها، فلا الداعي أجابوا، ولا فيما رغبت رغبوا، ولا إلى ما شوقت إليه اشتاقوا. أقبلوا على جيفة قد افتضحوا بأكلها، واصطلحوا على حبها، ومن عشق شيئا أعشى بصره، وأمرض قلبه، فهو (1) ينظر بعين غير صحيحة، ويسمع بأذن غير سميعة، قد خرقت الشهوات عقله، وأماتت الدنيا قلبه، وولهت عليها نفسه، فهو عبد لها، ولمن في يديه شئ منها، حيثما زالت زال إليها، وحيثما أقبلت أقبل عليها، لا ينزجر من الله بزاجر، ولا يتعظ منه بواعظ، وهو يرى المأخوذين