مال، أي ذو مال. والمحمل الثاني، أنه لما كان الأزل والأبد لا ينفكان عن وجوده سبحانه جعله عليه السلام، كأنه أحدهما بعينه، كقولهم: أنت الطلاق، لما أراد المبالغة في البينونة جعلها كأنها الطلاق نفسه، ومثله قول الشاعر:
* فإن المندى رحلة فركوب (1) * وقال أبو الفتح في " الدمشقيات " استدل أبو علي على صرف " منى " للموضع المخصوص، بأنه مصدر " منى يمنى "، قال: فقلت له: أتستدل بهذا على أنه مذكر، لان المصدر إلى التذكير! فقال: نعم، فقلت: فما تنكر ألا يكون فيه دلالة عليه، لأنه لا ينكر أن يكون مذكر سمى به البقعة المؤنثة، فلا ينصرف، كامرأة سميتها بحجر وجبل وشبع ومعي، فقال: إنما ذهبت إلى ذلك، لأنه جعل كأنه المصدر بعينه، لكثرة ما يعاني فيه ذلك. فقلت: الآن نعم.
ومن هذا الباب قوله:
* فإنما هي إقبال وإدبار (2) * وقوله:
* وهن من الاخلاف قبلك والمطل * وقوله: " فلا منجى منك إلا إليك " قد أخذه الفرزدق فقال لمعاوية:
إليك فررت منك ومن زياد * ولم أحسب دمى لكما حلالا (3) ثم استعظم واستهول خلقه الذي يراه، وملكوته الذي يشاهده، واستصغر واستحقر