تأخرت أستبقي الحياة فلم أجد * لنفسي حياة مثل أن أتقدما (1) وقال قطري بن الفجاءة:
لا يركنن أحد إلى الاحجام * يوم الوغى متخوفا لحمام (2) فلقد أراني للرماح دريئة * من عن يميني تارة وأمامي حتى خضبت بما تحدر من دمى * أكناف سرجي أو عنان لجامي ثم انصرفت وقد أصبت ولم أصب * جذع البصيرة قارح الاقدام (3) وكتب أبو بكر إلى خالد بن الوليد: واعلم أن عليك عيونا من الله ترعاك وتراك، فإذا لقيت العدو، فاحرص على الموت توهب لك الحياة، ولا تغسل الشهداء من دمائهم، فإن دم الشهيد نور له يوم القيامة، وقال أبو الطيب:
يقتل العاجز الجبان وقد يعجز * عن قطع بخنق المولود (4) ويوقى الفتى المخش وقد خوض في * ماء لبة الصنديد (5) ولهذا المعنى الذي أشار إليه عليه السلام سبب معقول، وهو أن المقدم على خصمه ، يرتاع له خصمه، وتنخذل عنه نفسه، فتكون النجاة والظفر للمقدم، وأما المتلوم عن خصمه، المحجم المتهيب له، فإن نفس خصمه تقوى عليه، ويزداد طمعه فيه، فيكون الظفر له، ويكون العطب والهلاك للمتلوم الهائب.
(تم الجزء السابع من شرح نهج البلاغة ويليه الجزء الثامن)