مدبرا بتدبيركم، فإني أعلم أنه لا قدرة لي أن أسير فيكم بسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله في أصحابه مستقلا بالتدبير، لفساد أحوالكم، وتعذر صلاحكم.
وقد حمل بعضهم كلامه على محمل آخر، فقال: هذا كلام مستزيد (١) شاك من أصحابه، يقول لهم: دعوني والتمسوا غيري، على طريق الضجر (٢) منهم، والتبرم بهم والتسخط لأفعالهم، لأنهم كانوا عدلوا عنه من قبل، واختاروا عليه، فلما طلبوه بعد أجابهم جواب المتسخط العاتب.
وحمل قوم منهم الكلام على وجه آخر، فقالوا: إنه أخرجه مخرج التهكم والسخرية، أي أنا لكم وزيرا خير منى لكم أميرا فيما تعتقدونه، كما قال سبحانه: ﴿ذق إنك أنت العزيز الكريم﴾ (3) أي تزعم لنفسك ذلك وتعتقده.
* * * واعلم أن ما ذكروه ليس ببعيد أن يحمل الكلام عليه لو كان الدليل قد دل على ذلك، فأما إذا لم يدل عليه، دليل فلا يجوز صرف اللفظ عن ظاهره، ونحن نتمسك بالظاهر إلا أن تقوم دلالة على مذهبهم تصدنا عن حمل اللفظ عن ظاهره، ولو جاز أن تصرف الألفاظ عن ظواهرها لغير دليل قاهر يصدف ويصد عنها، لم يبق وثوق بكلام الله عز وجل وبكلام رسوله عليه الصلاة والسلام؟ وقد ذكرنا فيما تقدم كيفية الحال التي كانت بعد قتل عثمان، والبيعة العلوية كيف وقعت.
[فصل فيما كان من أمر طلحة والزبير عند قسم المال في ذلك] ونحن نذكر هاهنا في هذه القصة ما ذكره شيخنا أبو جعفر الإسكافي (4) في كتابه