السلام، فإن الامر بقي في أيدي بنى أمية قريبا من تسعين سنة، ثم عاد إلى البيت الهاشمي، وانتقم الله تعالى منهم على أيدي أشد الناس عداوة لهم [هزيمة مروان بن محمد في موقعة الزاب، ثم مقتله بعد ذلك] سار عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس في جمع عظيم للقاء مروان بن محمد ابن مروان، وهو آخر خلفاء الأمويين، فالتقيا بالزاب (1) من أرض الموصل، ومروان في جموع عظيمة، وأعداد كثيرة، فهزم مروان، واستولى عبد الله بن علي على عسكره، وقتل من أصحابه خلقا (2) عظيما، وفر مروان هاربا حتى أتى الشام وعبد الله يتبعه، فصار إلى مصر، فاتبعه عبد الله بجنوده، فقتله ببوصير الأشمونين من صعيد مصر، وقتل خواصه وبطانته كلها، وقد كان عبد الله قتل من بنى أمية على نهر أبى فطرس (3) من بلاد فلسطين قريبا من ثمانين رجلا، قتلهم مثلة (4) واحتذى أخوه داود بن علي بالحجاز فعله، فقتل منهم قريبا من هذه العدة بأنواع المثل.
وكان مع مروان حين قتل ابناه عبد الله وعبيد الله - وكانا ولي عهده - فهربا في خواصهما إلى أسوان من صعيد مصر ثم صارا إلى بلاد النوبة ونالهم جهد شديد وضر عظيم، فهلك عبد الله بن مروان في جماعة ممن كان معه قتلا وعطشا وضرا، وشاهد من بقي منهم أنواع الشدائد وضروب المكاره، ووقع عبيد الله في عدة ممن نجا معه في أرض البجه (5) وقطعوا البحر إلى ساحل جدة، وتنقل فيمن نجا معه من أهله ومواليه في البلاد مستترين راضين أن يعيشوا سوقة بعد أن كانوا ملوكا، فظفر بعبد الله أيام السفاح، فحبس