إذ شاور رجلا من قحطان موتورا شائنا له، وإن الرأي كان الأول الذي هم به من قطع الدرب والنزول ببعض مدن الروم ومكاتبته ملكها (1). ولله أمر هو بالغه!
* * * لما نزل مروان بالزاب، جرد من رجاله ممن اختاره من أهل الشام والجزيرة وغيرها مائة ألف فارس على مائة ألف قارح، ثم نظر إليهم، وقال: إنها لعدة ولا تنفع العدة، إذا انقضت المدة (2).
* * * لما أشرف عبد الله بن علي يوم الزاب في المسودة، وفي أوائلهم البنود السود، تحملها الرجال على الجمال البخت، وقد جعل لها بدلا من القنا خشب الصفصاف والغرب، قال مروان لمن قرب منه: أما ترون رماحهم كأنها النخل غلظا! أما ترون أعلامهم فوق هذه الإبل كأنها قطع الغمام السود! فبينما هو ينظرها ويعجب، إذ طارت قطعة عظيمة من الغربان السود، فنزلت على أول عسكر عبد الله بن علي، واتصل سوادها بسواد تلك الرايات والبنود، ومروان ينظر فازداد تعجبه، وقال: أما ترون إلى السواد قد اتصل بالسواد، حتى صار الكل كالسحب السود المتكاثفة! ثم أقبل على رجل إلى جنبه فقال: ألا تعرفني من صاحب جيشهم؟ فقال: عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب. قال:
ويحك! أمن ولد العباس هو؟ قال: نعم، قال: والله لوددت أن علي بن أبي طالب عليه السلام مكانه في هذا الصف، قال: يا أمير المؤمنين، أتقول هذا لعلى مع شجاعته التي ملا الدنيا ذكرها! قال: ويحك إن عليا مع شجاعته صاحب دين، وإن الدين غير الملك، وإنا نروي عن قديمنا أنه لا شئ لعلى ولا لولده في هذا. ثم قال: من هو من ولد العباس،