فإني لا أثبت شخصه؟ قال: هو الرجل الذي كان يخاصم بين يديك عبد الله بن معاوية ابن عبد الله بن جعفر. فقال أذكرني صورته وحليته، قال: هو الرجل الأقنى الحديد العضل المعروق الوجه، الخفيف اللحية، الفصيح اللسان، الذي قلت لما سمعت كلامه يومئذ: يرزق الله البيان من يشاء، فقال: وإنه لهو! قال: نعم، فقال: أنا لله وإنا إليه راجعون! أتعلم لم صيرت الامر بعدي لولدي عبد الله، وابني محمد أكبر سنا منه؟ قال:
لا، قال: إن آباءنا أخبرونا أن الامر صائر بعدي إلى رجل اسمه عبد الله فوليته دونه.
ثم بعث مروان بعد أن حدث صاحبه بهذا الحديث إلى عبد الله بن علي سرا فقال:
يا ابن عم، إن هذا الامر صائر إليك، فاتق الله واحفظني في حرمي، فبعث إليه عبد الله، إن الحق لنا في دمك، وإن الحق علينا في حرمك (1).
قلت: إن مروان ظن أن الخلافة تكون لعبد الله بن علي، لان اسمه عبد الله، ولم يعلم أنها تكون لآخر اسمه عبد الله، وهو أبو العباس السفاح.
* * * كان العلاء بن رافع سبط ذي الكلاع الحميري مؤنسا لسليمان بن هشام بن عبد الملك لا يكاد يفارقه، وكان أمر المسودة بخراسان قد ظهر، ودنوا من العراق، واشتد إرجاف الناس، ونطق العدو بما أحب في بنى أمية وأوليائهم.
قال العلاء: فإني لمع سليمان، وهو يشرب تجاه رصافة أبيه، وذلك في آخر أيام يزيد الناقص، وعنده الحكم الوادي (2)، وهو يغنيه بشعر العرجي (3):
إن الحبيب تروحت أجماله * أصلا، فدمعك دائم إسباله (4) فاقن الحياء فقد بكيت بعولة * لو كان ينفع باكيا إعواله (5)