يخرجن من رأسك إلى أحد من الناس. قلت: نعم، قال: قد علمت ما جعلنا من هذا الامر وولاية العهد لمن قتل مروان، وإنما قتله عمى عبد الله بجيشه وأصحابه ونفسه وتدبيره، وأنا شديد الفكر في أمر أخي أبى جعفر، في فضله وعلمه وسنه وإيثاره لهذا الامر، كيف أخرجه عنه! فقلت: أصلح الله أمير المؤمنين! إني أحدثك حديثا تعتبر به، وتستغني بسماعه عن مشاورتي، قال: هاته، فقلت: كنا مع مسلمة بن عبد الملك عام الخليج بالقسطنطينية، إذ ورد علينا كتاب عمر بن عبد العزيز ينعى سليمان، ومصير الامر إليه، قد خلت إليه، فرمى الكتاب إلى فقرأته، واسترجعت، واندفع يبكى وأطال، فقلت: أصلح الله الأمير وأطال بقاءه! إن البكاء عل الامر الفائت عجز، والموت منهل لا بد من وروده، فقال: ويحك! إني لست أبكى على أخي، لكني أبكى لخروج الامر عن ولد أبى إلى ولد عمى! فقال أبو العباس: حسبك، فقد فهمت عنك، ثم قال:
إذا شئت فانهض، فلما نهضت لم أمض بعيدا حتى قال لي: يا بن هبيرة! فالتفت إليه، فقال: أما إنك قد كافأت أحدهما، وأخذت بثأرك من الآخر، قال سعيد: فوالله ما أدرى من أي الامرين أعجب! من فطنته أم من ذكره (1).
* * * لما كان ساير عبد الله بن علي في آخر أيام بنى أمية عبد الله بن حسن بن حسن، ومعهما داود بن علي، فقال داود لعبد الله بن الحسن: لم لا تأمر ابنيك بالظهور؟ فقال عبد الله بن حسن: لم يأن لهما بعد، فالتفت إليه عبد الله بن علي، فقال: أظنك ترى أن ابنيك قاتلا مروان! فقال عبد الله بن حسن: إنه ذلك، قال: هيهات!
ثم تمثل: