بكيت وماذا يرد البكاء * وقل البكاء لقتلى كداء أصيبوا معا فتولوا معا * كذلك كانوا معا في رخاء بكت لهم الأرض من بعدهم * وناحت عليهم نجوم السماء وكانوا ضياء فلما انقضى الزمان بقومي تولى الضياء ومن شعره فيهم:
أثر الدهر في رجالي فقلوا * بعد جمع فراح عظمي مهيضا ما تذكرتهم فتملك عيني * فيض دمع، وحق لي أن تفيضا ومن شعره فيهم:
أولئك قومي بعد عز وثروة * تداعوا فإلا تذرف العين أكمد كأنهم لا ناس للموت غيرهم * وإن كان فيهم منصفا غير معتدى (1) * * * وقال أبو الفرج: ركب المأمون بدمشق يتصيد، حتى بلغ جبل الثلج، فوقف في بعض الطريق على بركة عظيمة، في جوانبها أربع سروات (2)، لم ير أحسن منها، فنزل هناك، وجعل ينظر إلى آثار بنى أمية ويعجب منها، ويذكرهم. ثم دعا بطبق عليه طعام، فأكل وأمر علوية فغنى:
أولئك قومي بعد عز ومنعة * تفانوا فإلا تذرف العين أكمد وكان علوية من موالي بنى أمية، فغضب المأمون، وقال: يا بن الفاعلة، ألم يكن لك وقت تبكي فيه على قومك إلا هذا الوقت! قال: كيف لا أبكى عليهم ومولاكم زرياب، كان في أيام دولتهم يركب معهم في مائة غلام، وأنا مولاهم معكم أموت جوعا! فقام المأمون