شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٧ - الصفحة ١٣٧
أمر أبى العباس السفاح، انحاز إلى بني هاشم، ومت إليهم بأم هانئ بنت أبي طالب، وكانت تحت هبيرة بن أبي وهب، فأتت منه بجعدة، فصار من خواص السفاح وبطانته، فجلس السفاح يوما، وأمر بإحضار رأس مروان وهو بالحيرة يومئذ، ثم قال للحاضرين:
أيكم يعرف هذا؟ فقال سعيد: أنا أعرفه، هذا رأس أبى عبد الملك مروان بن محمد بن مروان خليفتنا بالأمس، رحمه الله تعالى. قال سعيد: فحدقت إلى الشيعة، ورمتني بأبصارها، فقال لي أبو العباس: في أي سنة كان مولده؟ قلت: سنة ست وسبعين، فقام وقد تغير لونه غضبا على وتفرق الناس من المجلس، وتحدثوا به، فقلت: زلة والله لا تستقال ولا ينساها القوم أبدا! فأتيت منزلي، فلم أزل باقي يومى أعهد وأوصى، فلما كان الليل اغتسلت وتهيأت للصلاة - وكان أبو العباس إذا هم بأمر بعث فيه ليلا - فلم أزل ساهرا حتى أصبحت وركبت بغلتي، وأفكرت فيمن أقصد في أمري، فلم أجد أحدا أولى من سليمان بن مجالد مولى بنى زهرة، وكانت له من أبى العباس منزلة عظيمة، وكان من شيعة القوم، فأتيته، فقلت له: أذكرني أمير المؤمنين البارحة؟ قال: نعم، جرى ذكرك، فقال: هو ابن أختنا، وفي لصاحبه، ونحن لو أوليناه خيرا لكان لنا أشكر. فشكرت لسليمان بن مجالد ما أخبرني به، وجزيته خيرا، وانصرفت. فلم أزل من أبى العباس على ما كنت عليه، لا أرى منه إلا خيرا.
ونما ذلك المجلس إلى عبد الله بن علي وإلى أبى جعفر المنصور، فأما عبد الله بن علي فكتب إلى أبى العباس يغريه بي، ويعاتبه على الامساك عنى، ويقول له: إنه ليس مثل هذا مما يحتمل، وكتب إليه أبو جعفر يعذر لي، وضرب الدهر ضربه، فأتى ذات يوم عند أبي العباس، فنهض ونهضت، فقال لي: على رسلك يا بن هبيرة! فجلست، فرفع الستر، ودخل وثبت في مجلسه قليلا، ثم خرج في ثوبي وشى ورداء وجبة، فما رأيت والله أحسن منه ولا مما عليه قط، فقال لي: يا بن هبيرة، إني ذاكر لك أمرا، فلا
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 90 - تتمة الخطبة المعروفة بخطبة الأشباح 3
2 القول في عصمة الأنبياء وفيها ثلاثة فصول: 7
3 الفصل الأول في حال الأنبياء قبل البعثة ومن الذي يجوز أن يرسله الله تعالى للعباد 8
4 الفصل الثاني في عصمة الأنبياء زمن النبوة في أفعالهم وتروكهم عدا ما يتعلق بتبليغ الوحي والفتوى في الأحكام 11
5 الفصل الثالث في خطئهم في التبليغ والفتاوى 18
6 91 - من كلام له عليه السلام لما أراده الناس على البيعة بعد قتل عثمان رضي الله عنه 33
7 فصل فيما كان من أمر طلحة والزبير عند قسم المال 35
8 92 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها ما كان من تغلبه على فتنة الخوارج وما يصيب الناس من بني أمية 44
9 فصل في ذكر أمور غيبية أخبر بها الإمام ثم تحققت 47
10 93 - من خطبة له عليه السلام يصف فيها حال الأنبياء 63
11 94 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها حال الناس عند البعثة 66
12 95 - من خطبة له عليه السلام في تعظيم الله وتمجيده ثم ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم والثناء عليه 67
13 96 - من كلامه له عليه السلام في توبيخ أصحابه على التباطؤ عن نصرة الحق 70
14 97 - من كلامه له عليه السلام في وصف بني أمية وحال الناس في دولتهم 78
15 98 - من خطبة له عليه السلام في وصف الدنيا 80
16 99 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها محمدا صلى الله عليه وما تركه في أصحابه من سنته 84
17 أقوال مأثورة في مدح الأناة وذم العجلة 86
18 فصل في مدح قلة الكلام وذم كثرته 87
19 100 - من خطبة له عليه السلام وهي من الخطب التي تشتمل على ذكر الملاحم 96
20 101 - من خطبة له أخرى عليه السلام تجرى هذا المجرى 102
21 102 - من خطبة له عليه السلام في التزهيد ووصف الناس في بعض الأزمان 105
22 103 - من خطبة له عليه السلام يصف فيها حال الناس قبل البعثة وما صاروا إليه بعدها 114
23 104 - من خطبة له عليه السلام ذكر فيها كلاما في شأن أهل البيت وأمر بني أمية معهم 117
24 هزيمة مروان بن محمد في موقعة الزاب ثم مقتله بعد ذلك 121
25 شعر عبد الله بن عمرو العبلي في رثاء قومه 123
26 أنفة ابن مسلمة بن عبد الملك 124
27 مما قيل من الشعر في التحريض على قتل بني أمية 125
28 أخبار متفرقة في انتقال الملك من بني أمية إلى بني العباس 128
29 105 - من خطبة له عليه السلام في وصف الإسلام وسمو شرائعه ثم ذكر النبي صلى الله عليه وذكر أصحابه 171
30 106 - من كلام له عليه السلام يصف بعض أيام صفين 179
31 107 - من خطبة له عليه السلام وهي من خطب الملاحم أيضا 181
32 فصل في التقسيم وما ورد في ذلك من الشعر 184
33 108 - من خطبة له في تمجيد الله ووصف ملائكته 194
34 فصل في الكلام على الالتفات 196
35 موازنة بين كلام الإمام علي وخطب ابن نباتة 211
36 109 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها فرائض الإسلام 221
37 110 - من خطبة له عليه السلام في وصف الدنيا 226
38 111 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها ملك الموت وتوفية الأنفس 237
39 فصل في التخلص وسياق كلام للشعراء فيه 239
40 فصل في الاستطراد وإيراد شواهد للشعراء فيه 241
41 112 - من خطبة له عليه السلام في الحض على التقوى وذكر أوصاف الدنيا والفرق بينها وبين الآخرة 250
42 114 - من خطبة له عليه السلام في الاستسقاء وصلاة الاستسقاء وآدابها 262
43 أخبار وأحاديث في الاستسقاء 270
44 115 - من خطبة له عليه السلام في تعظيم ما حجب عن الناس وكشف له والإخبار بما سيكون من أمر الحجاج الثقفي 276
45 116 - من كلامه له عليه السلام في التوبيخ على البخل ودعوة أصحابه لنصرته 282
46 117 - من كلامه له عليه السلام في حث أصحابه على مناصحته 284
47 118 - من كلام له عليه السلام وقد جمع له أصحابه فحضهم على الجهاد وأثار المحبة فيهم 285
48 119 - من كلام له عليه السلام في وصف نفسه والحث على الاستقامة والتحذير من النار والحث على طلب الحمد 288
49 120 - من كلام له عليه السلام في احتجاجه على الخوارج 291
50 121 - من كلامه له عليه السلام في التحكيم 297
51 122 - من كلام له عليه السلام قاله لأصحابه في ساعة الحرب 300
52 123 - من كلامه له عليه السلام في توبيخ أصحابه ووصفهم بالجبن وحثهم على الجرأة والتقحم 304