على نفسه منهما، ورأي ميل الناس إليهما فقتلهما، وكان عبد الرحمن بن معاوية بن هشام ابن عبد الملك يريد أن يقصده ويلتجئ إليه، فلما علم ما جرى لابني الوليد بن يزيد، خاف منه، فقطع المجاز بين: إفريقية والأندلس، وركب البحر حتى حصل بالأندلس، فالأمراء الذين ولوها كانوا من ولده.
ثم زال أمرهم ودولتهم على أيدي بني هاشم أيضا، وهم بنو حمود الحسنيون، من ولد إدريس بن الحسن عليه السلام.
* * * لما قتل عامر بن إسماعيل مروان ببوصير، واحتوى على عسكره دخل إلى الكنيسة التي كان فيها، فقعد على فراشه، وأكل من طعامه، فقالت له ابنة مروان الكبرى - وتعرف بأم مروان: يا عامر، إن دهرا أنزل مروان عن فرشه حتى أقعدك عليها، تأكل من طعامه ليلة قتله، محتويا على أمره، حاكما في ملكه وحرمه وأهله، لقادر أن يغير ذلك. فأنهى هذا الكلام إلى أبى العباس السفاح، فاستهجن ما فعله عامر بن إسماعيل وكتب إليه: أما كان لك في أدب الله ما يزجرك أن تقعد في مثل تلك الساعة على مهاد مروان، وتأكل من طعامه! أما والله لولا أن أمير المؤمنين أنزل ما فعلته على غير اعتقاد منك [لذلك (1)]، ولا نهم (2) على طعام، لمسك من غضبه وأليم أدبه، ما يكون لك زاجرا، ولغيرك واعظا. فإذا أتاك كتاب أمير المؤمنين: فتقرب إلى الله بصدقة تطفئ بها غضبه، وصلاة تظهر فيها الخشوع والاستكانة له، وصم ثلاثة أيام، وتب إلى الله من جميع ما يسخطه ويغضبه، ومر جميع أصحابك أن يصوموا مثل صيامك.
ولما أتى أبو العباس برأس مروان، سجد فأطال، ثم رفع رأسه، وقال: الحمد لله الذي