هيهات! ﴿أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر﴾ (١). فقال محمد:
أسقوني قطرة من الماء، فقال له معاوية بن حديج: لا سقاني الله إن سقيتك قطرة أبدا، إنكم منعتم عثمان أن يشرب الماء حتى قتلتموه صائما محرما، فسقاه الله من الرحيق المختوم، والله لأقتلنك يا بن أبي بكر وأنت ظمآن، ويسقيك الله من الحميم والغسلين، فقال له محمد:
يا بن اليهودية النساجة، ليس ذلك اليوم إليك ولا إلى عثمان، إنما ذلك إلى الله يسقى أولياءه ويظمئ أعداءه، وهم أنت وقرناؤك ومن تولاك وتوليته، والله لو كان سيفي في يدي ما بلغتم منى ما بلغتم. فقال له معاوية بن حديج: أتدري ما أصنع بك؟ أدخلك جوف هذا الحمار الميت ثم أحرقه عليك بالنار. قال: إن فعلتم ذاك بي فطالما فعلتم ذاك بأولياء الله، وأيم الله إني لأرجو أن يجعل الله هذه النار التي تخوفني بها بردا وسلاما، كما جعلها الله على إبراهيم خليله، وأن يجعلها عليك وعلى أوليائك، كما جعلها على نمرود وأوليائه، وإني لأرجو أن يحرقك الله وإمامك معاوية، وهذا - وأشار إلى عمرو بن العاص بنار - تلظى، كلما خبت زادها الله عليكم سعيرا. فقال له معاوية بن حديج: إني لا أقتلك ظلما، إنما أقتلك بعثمان بن عفان، قال محمد: وما أنت وعثمان! رجل عمل بالجور، وبدل حكم الله والقرآن وقد قال الله عز وجل: ﴿ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون﴾ (٢)، ﴿فأولئك هم الظالمون﴾ (٣)، ﴿فأولئك هم الفاسقون﴾ (4)، فنقمنا (5) عليه أشياء عملها فأردنا أن يخلع من الخلافة علنا، فلم يفعل، فقتله من قتله من الناس.