في جميع أموره، حتى قال (فلما شارف الظفر وافق على التحكيم، ومالك في التحكيم والحق في يديك، لا أبا لك!).
قال أبو العباس المبرد: هي (1) كلمة فيها جفاء وخشونة، كانت الاعراب تستعملها فيمن يستعظمون أمره، قال: ولما أنشد سليمان بن عبد الملك قول بعض الاعراب:
رب العباد ما لنا وما لكا * قد كنت تسقينا فما بدا لكا * أنزل علينا الغيث لا أبا لكا * قال: أشهد أنه لا أب له ولا صاحبة ولا ولد، فأخرجها أحسن مخرج.
ثم قال عليه السلام: (كيلا بغير ثمن لو كان له وعاء)، انتصب (كيلا) لأنه مصدر في موضع الحال، ويمكن أن ينتصب على التمييز، كقولهم: لله دره فارسا! يقول: أنا أكيل لكم العلم والحكمة كيلا ولا أطلب لذلك ثمنا. لو وجدت وعاء! أي حاملا للعلم، وهذا مثل قوله عليه السلام: ها إن بين جنبي علما جما لو أجد له حملة.
ثم ختم الفصل بقوله تعالى: (ولتعلمن نبأه بعد حين)، وهو أحسن ما ختم هذا الكلام به [خطبة على بعد يوم النهروان] وروى المدائني في كتاب (صفين)، قال: خطب علي عليه السلام بعد انقضاء أمر النهروان، فذكر طرفا من الملاحم، قال:
إذا كثرت فيكم الأخلاط، واستولت الأنباط، دنا خراب العراق، ذاك إذا بنيت مدينة ذات أثل وأنهار. فإذا غلت فيها الأسعار، وشيد فيها البنيان، وحكم فيها الفساق، واشتد البلاء، وتفاخر الغوغاء، دنا خسوف البيداء، وطاب الهرب والجلاء.
وستكون قبل الجلاء أمور يشيب منها الصغير، ويعطب الكبير، ويخرس الفصيح