الشرح:
دحوت الرغيف دحوا: بسطته، والمدحوات هنا: الأرضون.
فإن قلت: قد ثبت أن الأرض كرية، فكيف تكون بسيطة، والبسيط هو المسطح، والكري، لا يكون مسطحا؟
قلت: الأرض بجملتها شكل كرة وذلك لا يمنع أن تكون كل قطعة منها مبسوطة تصلح لان تكون مستقرا ومجالا للبشر وغيرهم من الحيوان، فإن المراد بانبساطها هاهنا ليس هو السطح الحقيقي الذي لا يوجد في الكرة، بل كون كل قطعة منها صالحة لان يتصرف عليها الحيوان، لا يعنى به غير ذلك.
وداحي المدحوات، ينتصب لأنه منادى مضاف، تقديره: يا باسط الأرضين المبسوطات.
قوله: (وداعم المسموكات)، أي حافظ السماوات المرفوعات، دعمت الشئ إذا حفظته من الهوى بدعامة، والمسموك: المرفوع، قال:
إن الذي سمك السماء بنى لنا * بيتا دعائمه أعز وأطول (1) ويجوز أن يكون عنى بكونها مسموكة كونها ثخينة. وسمك الجسم هو البعد الذي يعبر عنه المتكلمون بالعمق وهو قسيم الطول والعرض، ولا شئ أعظم ثخنا من الأفلاك.
فإن قلت: كيف قال: إنه تعالى دعم السماوات وهي بغير عمد؟
قلت: إذا كان حافظا لها من الهوى بقدرته وقوته فقد صدق عليه كونه داعما لها، لان قوته الحافظة تجرى مجرى الدعامة.
قوله: (وجابل القلوب) أي خالقها، والجبل الخلق، وجبلة الانسان: خلقته. وفطراتها:
بكسر الفاء وفتح الطاء. جمع فطرة، ويجوز كسر الطاء، كما قالوا في سدرة: سدرات وسدرات، والفطرة: الحالة التي يفطر الله عليها الانسان، أي يخلقه عليها خاليا من الآراء