وإذا لم يمكن كذبه على الله إلا بكذبه على الرسول، لم يبق لتقسيم الكذب، وقوله: (أفأنا أكذب على الله أو على رسوله؟) - معنى (1).
قلت: يمكن أن يكذب الكاذب على الله دون أن يكون كاذبا على الرسول، وإن كان من أتباع الرسول، نحو أن يقول: كنت مع الرسول صلى الله عليه وآله ليلة في مقبرة، فأحيا الله تعالى فلانا الميت، فقام وقال كذا. أو يقول: كنت معه يوم كذا، فسمعت منادى يناديه من السماء: افعل كذا، أو نحو ذلك من الاخبار بأمور لا تستند إلى حديث الرسول.
* * * ثم قال عليه (1) السلام: (كلا والله)، أي لا والله. وقيل: إن (كلا) بمعنى (حقا) وإنه إثبات.
قال: (ولكنها لهجة غبتم عنها)، اللهجة: بفتح الجيم، وهي آله النطق، يقال له:
هو فصيح اللهجة، وصادق اللهجة. ويمكن أن يعنى بها لهجة رسول الله صلى الله عليه وآله، فقول: (شهدت وغبتم) ويمكن أن يعنى بها لهجته هو، فيقول: إنها لهجة غبتم عن منافعها، وأعدمتم أنفسكم ثمن مناصحتها.
ثم قال: (ويلمه) الضمير راجع إلى ما دل عليه معنى الكلام من العلم، لأنه لما ذكر اللهجة وشهوده إياها وغيبوبتهم عنها دل ذلك على علم له خصه به الرسول عليه السلام. فقال: (ويلمه)، وهذه كلمة تقال للتعجب والاستعظام، يقال: (ويلمه فارسا)!
وتكتب موصولة كما هي بهذه الصورة وأصله (ويل أمه) مرادهم التعظيم والمدح، وإن كان اللفظ موضوعا لضد ذلك، كقوله عليه الصلاة والسلام: (فاظفر بذات الدين تربت يداك)، وكقولهم للرجل يصفونه ويقرظونه: لا أبا له).
وقال الحسن البصري، وهو يذكر عليا عليه السلام، ويصف كونه على الحق