رأسه، كان يدعو ويتضرع إلى الله في تعجيل الظفر بالمخدج، وحيث يطرق كان يغلبه الهم والفكر فيطرق.
ثم حين يقول: (ما كذبت ولا كذبت)، كيف ينتظر نزول الوحي، فإن من نزل عليه الوحي لا يحتاج أن يسند الخبر إلى غيره، ويقول: ما كذبت فيما أخبرتكم به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومما طعن به النظام عليه أنه عليه (1) السلام قال: (إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وآله فهو كما حدثتكم، فوالله لان أخر من السماء أحب إلى من أن أكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا سمعتموني أحدثكم فيما بيني وبينكم، فإنما الحرب خدعة).
قال النظام: هذا يجرى مجرى التدليس في الحديث، ولو لم يحدثهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله بالمعاريض، وعلى طريق الإيهام لما اعتذر من ذلك.
فنقول في الجواب. إن النظام قد وهم وانعكس عليه مقصد أمير المؤمنين وذلك، أنه عليه (1) السلام لشدة ورعه أراد أن يفصل للسامعين بين ما يخبر به عن نفسه، وبين ما يرويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك لان الضرورة ربما تدعوه إلى استعماله المعاريض، لا سيما في الحرب المبنية على الخديعة والرأي، فقال لهم: كلما أقول لكم قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاعلموا أنه سليم من المعاريض، خال من الرمز والكناية، لأني لا أستجيز ولا أستحل أن أعمى أو ألغز في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وما حدثتكم به عن نفسي، فربما أستعمل فيه المعاريض، لان الحرب خدعة.