وشوكة وبأس شديد، فما بالكم! لله أنتم من أين تؤتون! وما لكم تؤفكون!
وأنى تسحرون!
ولو أنكم عزمتم وأجمعتم لم تراموا، إلا أن القوم تراجعوا وتناشبوا وتناصحوا، وأنتم قد ونيتم وتغاششتم افترقتم، ما إن أنتم إن ألممتم عندي على هذا بسعداء (1)، فانتهوا بأجمعكم وأجمعوا على حقكم، وتجردوا لحرب عدوكم، وقد أبدت الرغوة عن الصريح، وبين الصبح لذي عينين، إنما تقاتلون الطلقاء، وأبناء الطلقاء وأولى الجفاء، ومن أسلم كرها، وكان لرسول الله صلى الله عليه أنف (2) الاسلام كله حربا، أعداء الله والسنة والقرآن، وأهل البدع والاحداث، ومن كان بوائقه تتقى، وكان عن الاسلام منحرفا، أكلة الرشا، وعبدة الدنيا، لقد أنهى إلى أن ابن النابغة لم يبايع معاوية حتى أعطاه، وشرط له أن يؤتيه ما هي أعظم مما في يده من سلطانه. ألا صفرت يد هذا البائع دينه بالدنيا، وخزيت أمانة هذا المشترى نصرة فاسق غادر بأموال المسلمين، وإن فيهم من قد شرب فيكم الخمر وجلد الحد، يعرف بالفساد في الدين، والفعل السيئ، وإن فيهم من لم يسلم حتى رضخ له رضيخة (3).
فهؤلاء قادة القوم، ومن تركت ذكر مساوئه من قادتهم مثل من ذكرت منهم، بل هو شر، ويود هؤلاء الذين ذكرت لو ولوا عليكم فأظهروا فيكم الكفر والفساد والفجور والتسلط بجبرية، واتبعوا الهوى وحكموا بغير الحق. ولأنتم على ما كان فيكم من تواكل وتخاذل خير منهم وأهدى سبيلا، فيكم العلماء والفقهاء، والنجباء والحكماء، وحملة الكتاب والمتهجدون بالأسحار، وعمار المساجد بتلاوة القرآن. أفلا تسخطون وتهتمون أن ينازعكم الولاية عليكم سفهاؤكم، والأشرار الأراذل منكم!