اليتامى ظلما، وأن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، ولا تعثوا في الأرض مفسدين، ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين، وكل خير يدنى إلى الجنة، ويباعد عن النار أمركم به، وكل شر يدنى إلى النار ويباعد عن الجنة نهاكم عنه فلما استكمل مدته، وفاه الله إليه سعيدا حميدا، فيالها مصيبة خصت الأقربين، وعمت المسلمين! ما أصيبوا قبلها بمثلها، ولن يعاينوا بعدها أختها. فلما مضى لسبيله صلى الله عليه وسلم، تنازع المسلمون الامر بعده، فوالله ما كان يلقى في روعي، ولا يخطر على بالي أن العرب تعدل هذا الامر بعد محمد عن أهل بيته، ولا أنهم منحوه عنى من بعده. فما راعني إلا انثيال الناس على أبى بكر، وإجفالهم (1) إليه ليبايعوه، فأمسكت يدي، ورأيت أنى أحق بمقام محمد صلى الله عليه في الناس ممن تولى الامر من بعده، فلبثت بذاك ما شاء الله حتى رأيت راجعة من الناس رجعت عن الاسلام، يدعون إلى محق دين الله وملة محمد صلى الله عليه، فخشيت إن لم أنصر الاسلام وأهله أن أرى فيه ثلما وهدما يكون المصاب بهما على أعظم من فوات ولاية أموركم، التي إنما هي متاع أيام قلائل، ثم يزول ما كان منها كما يزول السراب، وكما يتقشع السحاب، فمشيت عند ذلك إلى أبى بكر فبايعته، ونهضت في تلك الاحداث، حتى زاغ الباطل وزهق، وكانت كلمة الله هي العليا، ولو كره الكافرون.
فتولى أبو بكر تلك الأمور، فيسر وسدد، وقارب واقتصد، وصحبته مناصحا، وأطعته فيما أطاع الله فيه جاهدا، وما طمعت - أن لو حدث به حادث وأنا حي أن يرد إلى الامر الذي نازعته فيه - طمع مستيقن، ولا يئست منه يأس من لا يرجوه، ولولا خاصة ما كان بينه وبين عمر، لظننت أنه لا يدفعها عنى، فلما احتضر بعث إلى عمر فولاه فسمعنا وأطعنا وناصحنا