سكن بوضع الأرض عليه، وهذا خلاف ما يشاهد، وخلاف ما يقتضيه العقل، لأن الماء الساكن إذا جعل فيه جسم ثقيل اضطرب وتموج، وصعد علوا، فكيف الماء المتموج يسكن بطرح الجسم الثقيل فيه؟
والجواب أن الماء إذا كان تموجه من قبل ريح هائجة، جاز أن يسكن هيجانه بجسم يحول بينه وبين تلك الريح، ولذلك إذا جعلنا في الاناء ماء وروحناه بمروحة تموجه، فإنه يتحرك، فإن جعلنا على سطح الماء جسما يملأ حافات الاناء وروحنا بالمروحة فإن الماء لا يتحرك لان ذلك الجسم قد حال بين الهواء المجتلب بالمروحة وبين سطح الماء، فمن الجائز أن يكون الماء الأول هائجا لأجل ريح محركة له، فإذا وضعت الأرض عليه حال بين سطح الماء وبين تلك الريح، وقد مر في كلام أمير المؤمنين في الخطبة الأولى ذكر هذه الريح، فقال: (ريح اعتقم مهبها، وأدام مربها وأعصف مجراها، وأبعد منشأها، فأمرها بتصفيق الماء الزخار وإثارة موج البحار، فمخضت مخض السقاء، وصفت به عصفها بالفضاء).
* * * الفصل الثاني:
في بيان قوله عليه السلام: (فلما سكن هيج الماء من تحت أكنافها، وحمل شواهق الجبال البذخ على أكتافها، فجر ينابيع العيون فيها، وعدل حركاتها بالراسيات من جلاميدها). وذلك لان العامل في (لما) يجب أن يكون أمرا مباينا لما أضيفت إليه، مثاله:
لما قام زيد قام عمرو، فقام الثانية هي العاملة في (لما)، فيجوز أن تكون أمرا مباينا لما أضيف (لما) إليه، وهو قيام زيد وهاهنا قد قال عليه السلام: لما حمل الله تعالى شواهق الجبال على الأرض عدل حركات الأرض بالجبال، ومعلوم أن أحد الامرين هو الاخر.
والجواب أنه ليس أحد الامرين هو الاخر بعينه، بل الثاني معلول الأول، وموجب