أخراها أولاها، ثم استطارت عقائقها، وارتعجت بوارقها، وتعقعقت صواعقها، ثم ارتعبت جوانبها، وتداعت سواكبها، ودرت حوالبها، فكانت للأرض طبقا شج فهضب، وعم فأحسب، فعل القيعان، وضحضح الغيطان، وصوح الأضواج، وأترع الشراج، فالحمد لله الذي جعل كفاء إساءتنا إحسانا، وجزاء ظلمنا غفرانا.
قلت: نوء الجبهة محمود عندهم للمطر، والقزعة: القطعة الصغيرة من السحاب.
والقرص: الترس. والعين ما عن يمين قبلة العراق. وترجل النهار: انبساط الشمس.
والأدهم: أحد ليالي السرار، والأحضان: النواحي. واحمومت: اسودت. وبسق:
علا. والعنان: ما يعترض من السحاب في الأفق. وانبعجت: انفتقت. وذمرت: حضت والعقائق: البروق. وارتعجت: اهتزت وارتعدت. وطبقا، أي غطت الأرض. وهضب:
جاء بالمطر دفعة فدفعة. وأحسب: كفى. وعل القيعان: سقاها مرة بعد أخرى. والغيطان:
جمع غائط وهو ما سفل من الأرض. وصوح الأضواج: هدم الأجواف. وأترع الشراج: ملا المسيلات.
* * * ومن ذلك ما رواه ابن دريد، عن عبد الرحمن، عن عمه الأصمعي، قال: سمعت أعرابيا من بنى عامر يصف مطرا، قال: نشأ عند القصر بنوء الغفر حيا عارضا ضاحكا وامضا، فكلا ولا ما كان حتى شجيت به أقطار الهواء، واحتجبت به السماء، ثم أطرق فاكفهر، وتراكم فادلهم، وبسق فازلأم، ثم حدت به الريح فخر، والبرق مرتعج، والرعد مبتوج، والغفر مبتعج، فأثجم ثلاثا، متحيرا هثهاثا، أخلافه حاشكة، ودفعه متواشكة، وسوامه متعاركة، ثم ودع منجما، وأقلع متهما، محمود البلاء، مترع النهاء، مشكور النعماء، بطول ذي الكبرياء.
قلت: القصر: العشى. والغفر من نجوم الأسد. والحيا: الداني من الأرض.
وقوله: (كلا ولا) أي في زمان قصير جدا. وشجيت به الأقطار: صار كالشجي لها.