الشعار، وهذا من بديع الكلام ومن جيد الصناعة، لأنه لما كان الخوف يتقدم السيف والسيف يتلوه، جعل الخوف شعارا لأنه الأقرب إلى الجسد، وجعل الدثار تاليا له.
ثم قال: (واذكروا تيك) كلمة إشارة إلى المؤنثة الغائبة، فيمكن أن يعنى بها الدنيا التي تقدم ذكرها، وقد جعل آباءهم وإخوانهم مرتهنين بها، ومحاسبين عليها، والارتهان:
الاحتباس، ويمكن أن يعنى بها الأمانة التي عرضت على الانسان فحملها، والمراد بالأمانة الطاعة والعبادة وفعل الواجب وتجنب القبيح. وقال: (تيك) ولم يجر ذكرها، كما قال تعالى: ﴿ألم. ذلك الكتاب﴾ (1) ولم يجر ذكره، لان الإشارة إلى مثل هذا أعظم وأهيب وأشد روعة في صدر المخاطب من التصريح.
قوله: (ولا خلت فيما بينكم وبينهم الأحقاب)، أي لم يطل العهد، والأحقاب: المدد المتطاولة، والقرون: الأمم من الناس.
وقوله: (من يوم كنتم)، يروى بفتح الميم من (يوم) على أنه مبنى، إذ هو مضاف إلى الفعل المبنى، ويروى بجرها بالإضافة، على اختلاف القولين في علم العربية.
ثم اختلفت الرواية في قوله: (والله ما أسمعكم) فروى بالكاف وروى (أسمعهم)، وكذلك اختلفت الرواية في قوله: (وما أسماعكم اليوم بدون أسماعكم بالأمس)، فروى هكذا وروى (بدون أسماعهم)، فمن رواه بهاء الغيبة في الموضعين فالكلام منتظم، لا يحتاج إلى تأويل، ومن رواه بكاف الخطاب، قال: إنه خاطب به من صحب النبي صلى الله عليه وآله وشاهده وسمع خطابه، لان أصحاب علي عليه السلام كانوا فريقين:
صحابة وتابعين، ويعضد الرواية الأولى سياق الكلام.
وقوله: (ولا شقت لهم الابصار... إلا وقد أعطيتم مثلها) (2).