تعالى: (لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها).
ثم تعجب من اختلاف حجج الفرق في الدين وخطئهم وكونهم لا يتبعون أقوال الأنبياء، ولا أقوال الأوصياء، ثم نعى عليهم أحوالهم القبيحة، فقال: إنهم لا يؤمنون بالغيب، أي لا يصدقون بما لم يشاهدوه، ولا يكفون عن الأمور القبيحة، لكنهم يعملون في الشبهات، أي يعملون أعمالا داخلة في الشبهات متوسطة لها، ويسيرون في الشهوات، جعل الشهوات كالطريق التي يسير فيها الانسان.
ثم قال: المعروف فيهم ما عرفوه، أي ليس المعروف عندهم ما دل الدليل على كونه معروفا وصوابا وحقا، بل المعروف عندهم ما ذهبوا إلى أنه حق، سواء كان حقا في نفس الامر أو لم يكن، والمنكر عندهم ما أنكروه كما شرحناه في المعروف.
ثم قال: إنهم لا يستشيرون بعالم، ولا يستفتون فقيها فاضلا، بل مفزعهم في الأمور المشكلة إلى أنفسهم وآرائهم، ولقد صدق عليه السلام، فإن هذه صفات من يدعى العلم والفضل في زماننا وقبله بدهر طويل، وذلك أنهم يأنفون من التعلم والاسترشاد، فالبادئ منهم يعتقد في نفسه أنه أفضل من البارع المنتهى، ومتى ظفر الواحد منهم بمبادئ علم وحمله، شرع في التدريس والتصنيف، فمنعه التزامه بذلك من التردد إلى أبواب العلماء، وأنف من سؤالهم عن الأمور المشكلة، فدام جهله إلى أن يموت.
ثم قال: (كأن كل واحد منهم إمام نفسه)، ويروى بحذف (كان) وإسقاطها.
وهو أحسن.