وإن هذا الرجل يدنيك - يعنى عمر بن الخطاب - ٣٥٨ وإن هذا الرجل يدنيك - يعنى عمر بن الخطاب - فاحفظ عنى ثلاثا: لا تفشين له سرا، ولا تغتابن عنده أحدا، ولا يطلعن منك على كذبة.
قال عبد الله: فكانت هذه الثلاث أحب إلى من ثلاث بدرات ياقوتا.
قال الواثق لأحمد بن أبي داود رحمه الله تعالى: كان ابن الزيات عندي، فذكرك بكل قبيح، قال: الحمد لله الذي أحوجه إلى الكذب على: ونزهني عن الصدق في أمره.
وكان يقال: أمران لا يكاد أحدهما ينفك من الكذب: كثرة المواعيد وشدة الاعتذار.
ومن الحكم القديمة: إنما فضل الناطق على الأخرس بالنطق، وزين المنطق الصدق، فالكاذب شر من الأخرس.
قال الرشيد للفضل بن الربيع في كلام جرى بينهما: كذبت، فقال: يا أمير المؤمنين، وجه الكذوب لا يقابلك، ولسانه لا يحاورك.
قيل في تفسير قوله تعالى: ﴿ولكم الويل مما تصفون﴾ (1)، هي في الكذابين، فالويل لكل كاذب إلى يوم القيامة.
ومن كلام بعض الصالحين: لو لم أترك الكذب تأثما لتركته تكرما.
أبو حيان: الكذب شعار خلق، ومورد رنق (2)، وأدب سيئ، وعادة فاحشة، وقل من استرسل معه إلا ألفه، وقل من ألفه إلا أتلفه، والصدق ملبس بهى، ومنهل غذي، وشعاع منبث، وقل من اعتاده ومرن عليه إلا صحبته السكينة، وأيده التوفيق، وخدمته القلوب بالمحبة، ولحظته العيون بالمهابة.