واعلموا أن يسير الرياء شرك، ومجالسة أهل الهوى منساة للايمان، ومحضرة للشيطان.
جانبوا الكذب فإنه مجانب للايمان. الصادق على شفا منجاة وكرامة، والكاذب على شرف مهواة ومهانة.
ولا تحاسدوا، فإن الحسد يأكل الايمان كما تأكل النار الحطب، ولا تباغضوا فإنها الحالقة، واعلموا أن الامل يسهى العقل، وينسى الذكر.
فأكذبوا الامل فإنه غرور، وصاحبه مغرور.
* * * الشرح:
قوله: (فاستدركوا بقية أيامكم)، يقال: (استدركت ما فات وتداركت ما فات)، بمعنى (واصبروا لها أنفسكم): مأخوذ من قوله تعالى: ﴿واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي﴾ (1)، يقال: (صبر فلان نفسه على كذا) أي حبسها عليه. يتعدى فينصب، قال عنترة:
فصبرت عارفة لذلك حرة * ترسو إذا نفس الجبان تطلع (2) أي حبست نفسا عارفة. وفى الحديث النبوي في رجل أمسك رجلا وقتله الاخر، فقال عليه السلام: (اقتلوا القاتل واصبروا الصابر)، أي احبسوا الذي أمسكه حتى يموت.
والضمير في (فإنها قليل) عائد إلى الأيام التي أمرهم باستدراكها. يقول: إن هذه الأيام التي قد بقيت من أعماركم قليلة، بالنسبة والإضافة إلى الأيام التي تغفلون فيها عن الموعظة.