ومثل هذا قولهم: من عرف بالصدق جاز كذبه، ومن عرف بالكذب لم يجز صدقه.
وجاء في الخبر المرفوع: إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب.
وقال ابن سيرين: الكلام أوسع من أن يكذب ظريف.
وقالوا في قوله تعالى: ﴿لا تؤاخذني بما نسيت﴾ (١)، لم ينس. ولكنه من معاريض الكلام وكذلك قالوا في قول إبراهيم: ﴿إني سقيم﴾ (2).
وقال العتبى: إني لأصدق في صغار ما يضرني، فكيف لا أصدق في كبار ما ينفعني!
وقال بعض الشعراء:
لا يكذب المرء إلا من مهانته * أو عادة السوء أو من قلة الأدب لعض جيفة كلب خير رائحة * من كذبة المرء في جد وفى لعب.
شهد أعرابي عند معاوية بشهادة، فقال له: كذبت، فقال: الكاذب والله المتزمل في ثيابك، فقال معاوية: هذا جزاء من عجل.
وقال معاوية يوما للأحنف - وحدثه حديثا، أتكذب؟ فقال له الأحنف: والله ما كذبت منذ علمت أن الكذب يشين أهله.
ودخل عبد الله بن الزبير يوما على معاوية فقال له: اسمع أبياتا قلتها - وكان واجدا على معاوية - فقال هات، فأنشده:
إذا أنت لم تنصف أخاك وجدته * على طرف الهجران إن كان يعقل ويركب حد السيف من أن تضيمه * إذا لم يكن عن شفرة السيف مزحل.
فقال معاوية: لقد شعرت بعدنا يا أبا بكر، ثم لم يلبث معاوية أن دخل عليه معن