وقوله: (فإنها قليل) فأخبر عن المؤنث بصيغة المذكر، إنما معناه فإنها شئ قليل بحذف الموصوف، كقوله: ﴿وحسن أولئك رفيقا﴾ (١) أي قبيلا رفيقا.
ثم قال: (ولا ترخصوا) نهى عن الاخذ برخص المذاهب، وذلك لأنه لا يجوز للواحد من العامة أن يقلد كلا من أئمة الاجتهاد فيما خف وسهل من الأحكام الشرعية.
أو لا تساهلوا أنفسكم في ترك تشديد المعصية، ولا تسامحوها وترخصوا إليها في ارتكاب الصغائر والمحقرات من الذنوب، فتهجم بكم على الكبائر، لان من مرن على أمر تدرج من صغيره إلى كبيره.
والمداهنة: النفاق والمصانعة، والإدهان مثله، قال تعالى: ﴿ودوا لو تدهن فيدهنون﴾ (2).
إن أنصح الناس لنفسه أطوعهم لربه)، لأنه قد صانها عن العقاب، وأوجب لها الثواب، وذلك غاية ما يمكن من نصيحتها ونفعها.
وإن أغش الناس لنفسه أعصاهم لربه)، لأنه ألقاها في الهلاك الدائم، وذلك أقصى ما يمكن من غشها والاضرار بها.
ثم قال: (والمغبون من غبن نفسه) أي أحق الناس أن يسمى مغبونا من غبن نفسه، يقال غبنته، في البيع غبنا، بالتسكين، أي خدعته، وقد غبن فهو مغبون، وغبن الرجل رأيه بالكسر غبنا بالتحريك فهو غبين، أي ضعيف الرأي، وفيه غبانة. ولفظ الغبن يدل على أنه من باب غبن البيع والشراء، لأنه قال: (والمغبون) ولم يقل:
(والغبين).
والمغبوط: الذي يتمنى مثل حاله، والذي يتمنى زوال حاله وانتقالها هو الحاسد،