ابن عمر بن الخطاب إليه تشكوه فقالت: يا أمير المؤمنين، ألا تعذرني من أبى عيسى؟
قال: ومن أبو عيسى؟ قالت: ابنك عبيد الله، قال: ويحك! وقد تكنى بأبي عيسى!
ثم دعاه فقال: إيها اكتنيت بأبي عيسى! فحذر وفزع، وأخذ يده فعضها، ثم ضربه، وقال: ويلك! وهل لعيسى أب؟ أتدري ما كنى العرب؟ أبو سلمة، أبو حنظلة، أبو عرفطة أبو مرة.
قال الزبير: وكان عمر إذا غضب على بعض أهله لم يسكن غضبه حتى يعض يده عضا شديدا. وكان عبد الله بن الزبير كذلك، ولقوة هذا الخلق عنده أضمر عبد الله بن عباس في خلافته إبطال القول بالعول (1) وأظهره بعده، فقيل له: هلا قلت هذا في أيام عمر!
فقال: هبته، وكان أميرا مهيبا.
ولذلك قال أيضا أبو سفيان في استلحاق زياد: أخاف من هذا العير الجالس أن يخرق على إهابي، فإذا هابه أبو سفيان، وهو من بنى عبد مناف في المنزلة التي تعلم، وحوله بنو عبد شمس، وهم جمرة قريش، فما ظنك بمن هو دونه!
وقد علمت حال جبلة بن الأيهم وارتداده عن الاسلام لتهدده له ووعيده إياه أن يضربه بالدرة، وفساد الحال بينه وبين خالد بن الوليد بعد أن كان وليا مصافيا، ومنحرفا عن غيره قاليا، والشأن الذي كان بينه وبين طلحة حتى هم أن يوقع به، وحتى هم طلحة أن يجاهره، وطلحة هو الذي قال لأبي بكر عند موته: ماذا تقول لربك وقد وليت فينا فظا غليظا! وهو القائل له: يا خليفة رسول الله، إنا كنا لا نحتمل شراسته وأنت حي تأخذ على يديه، فكيف يكون حالنا معه وأنت ميت وهو الخليفة؟.
واعلم أنا لا نريد بهذا القول ذمه رضي الله عنه، وكيف نذمه وهو أولى الناس بالمدح