كأنك آيس؟ فقالا: لا نبرح حتى ينزل علينا الوحي، فأوحى الله إليهما: أحبكما إلى الطلق البسام، أحسنكما ظنا بي.
وروى عن كبراء الصحابة رضى الله تعالى عنهم أنهم كانوا يتمازحون ويتناشدون الاشعار، فإذا خاضوا في الدين، انقلبت حماليقهم، وصاروا في صور أخرى.
وروى أن عبد الله بن عمر قال لجاريته: خلقني خالق الخير، وخلقك خالق الشر.
فبكت، فقال: لا عليك، فإن الله تعالى هو خالق الخير وهو خالق الشر.
قلت: يعنى بالشر المرض والغلاء ونحوهما.
وكان ابن سيرين ينشد:
نبئت أن فتاة كنت أخطبها * عرقوبها مثل شهر الصوم في الطول (1) ثم يضحك حتى يسيل لعابه.
وجاء عبد الرحمن بن عوف إلى باب عمر بن الخطاب، فوجده مستلقيا على مرفقه له، رافعا إحدى رجليه على الأخرى، منشدا بصوت عال:
وكيف ثوائي بالمدينة بعدما * قضى وطرا منها جميل بن معمر.
فلما دخل عبد الرحمن وجلس، قال: يا أبا محمد، إنا إذا خلونا قلنا كما يقول الناس.
وكان سعيد بن المسيب ينشد:
لقد أصبحت عرس الفرزدق جامحا * ولو رضيت رمح استه لاستقرت (2) ويضحك حتى يستغرق.
وكان يقال: لا بأس بقليل المزاح يخرج منه الرجل عن حد العبوس