الضمير عائدا إلى غير مذكور لفظا لما دل المعنى عليه، لان قوله: (فأضل وأردى، ووعد فمنى) معناه أضل الانسان وأردى، ووعده فمنى، فالمفعول محذوف لفظا، وإليه رجع الضمير على هذا الوجه. ويقال: غلق الرهن إذا لم يفتكه الراهن في الوقت المشروط، فاستحقه المرتهن.
وهذا الكلام مأخوذ من قوله تعالى: (وقال الشيطان لما قضى الامر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي) (1) الآية.
* * * الأصل:
ومنها في صفة خلق الانسان:
أم هذا الذي أنشأه في ظلمات الأرحام، وشغف الأستار نطفة دهاقا، وعلقة محاقا، وجنينا وراضعا، ووليدا ويافعا، ثم منحه قلبا حافظا، ولسانا لافظا، وبصرا لاحظا، ليفهم معتبرا، ويقصر مزدجرا، حتى إذا قام اعتداله، واستوى مثاله، نفر مستكبرا، وخبط سادرا، ماتحا في غرب هواه، كادحا سعيا لدنياه، في لذات طربه، وبدوات أربه، ثم لا يحتسب رزية، ولا يخشع تقية، فمات في فتنته غريرا، وعاش في هفوته يسيرا، لم يفد عوضا، ولم يقض مفترضا.
دهمته فجعات المنية في غبر جماحه، وسنن مراحه، فظل سادرا، وبات ساهرا، في غمرات الآلام، وطوارق الأوجاع والأسقام، بين أخ شقيق، ووالد شفيق،