الشرح:
قوله: (لتعي ما عناها) أي لتحفظ وتفهم ما أهمها، ومنه الأثر المرفوع: (من حسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه).
ولتجلو، أي لتكشف.
وعن هاهنا زائدة، ويجوز أن تكون بمعنى (بعد) كما قال:
* لقحت حرب وائل عن حيال * أي بعد حيال، فيكون قد حذف المفعول، وحذفه جائز، لأنه فضلة، ويكون التقدير:
لتجلو الأذى بعد عشاها، والعشا، مقصور: مصدر عشى، بكسر الشين، يعشى، فهو عش إذا أبصر نهارا ولم يبصر ليلا والأشلاء: جمع شلو، وهو العضو.
فإن قلت: فأي معنى في قوله: أعضاء تجمع أعضاءها؟ وكيف يجمع الشئ نفسه؟
قلت: أراد عليه السلام بالأشلاء هاهنا الأعضاء الظاهرة، وبالأعضاء الجوارح الباطنة، ولا ريب أن الأعضاء الظاهرة تجمع الأعضاء الباطنة وتضمها والملائمة: الموافقة.
والأحناء: الجوانب والجهات. ووجه الموافقة والملائمة: أن كون اليد في الجانب أولى من كونها في الرأس أو في أسفل القدم، لأنها إذا كانت في الجانب كان البطش وتناول ما يراد ودفع ما يؤذى أسهل، وكذلك القول في جعل العين في الموضع الذي جعلت به، لأنها كديدبان السفينة البحرية، ولو جعلت في أم الرأس لم ينتفع بها هذا الحد من الانتفاع الان، وإذا تأملت سائر أدوات الجسد وأعضائه وجدتها كذلك.