اللهم يا ذا الملك المتأبد بالخلود والسلطان، الممتنع بغير جنود، والعز الباقي على مر الدهور. عز سلطانك عزا لا حد له ولا منتهى لآخره، واستعلى ملكك علوا سقطت الأشياء دون بلوغ أمده، ولا يبلغ أدنى ما استأثرت به من ذلك نعوت أقصى نعت الناعتين، ضلت فيك الصفات، وتفسخت دونك النعوت، وحارت في كبريائك لطائف الأوهام.
كذلك أنت الله في أوليتك، وعلى ذلك أنت دائم لا تزول، وكذلك أنت الله في آخريتك، وكذلك أنت ثابت لا تحول.
وأنا العبد الضعيف عملا، الجسيم أملا، خرجت من يدي أسباب الوصلات إلى رحمتك، وتقطعت عنى عصم الآمال إلا ما أنا معتصم به من عفوك. قل عندي ما أعتد به من طاعتك، وكثر عندي ما أبوء به من معصيتك، ولن يفوتك (1) عفو عن عبدك وإن أساء. فاعف عنى.
اللهم قد أشرف على كل خطايا الأعمال علمك، وانكشف كل مستور عند خبرك، فلا ينطوي عنك دقائق الأمور، ولا يعزب عنك خفايا السرائر (2)، وقد هربت إليك من صغائر ذنوب موبقة، وكبائر أعمال مردية، فلا شفيع يشفع لي إليك، ولا خفير يؤمنني منك، ولا حصن يحجبني عنك، ولا ملاذ ألجأ إليه غيرك.
هذا مقام العائذ بك، ومحل المعترف لك، فلا يضيقن عنى فضلك، ولا يقصرن دوني عفوك، ولا أكون أخيب عبادك التائبين، ولا أقنط وفودك الآملين، واغفر لي إنك خير الغافرين.
اللهم إنك أمرتني فغفلت، ونهيتني فركبت، وهذا مقام من استحيا لنفسه منك، وسخط عليها ورضى عنك، وتلقاك بنفس خاشعة، وعين خاضعة، وظهر مثقل من الخطايا، واقفا بين الرغبة إليك والرهبة منك، وأنت أولى من رجاه، وأحق من خشيه واتقاه،