إجابته، فإن العطية على قدر النية، وربما أخرت عنك الإجابة، ليكون ذلك أعظم لأجر السائل، وأجزل لعطاء الامل، وربما سألت الشئ فلا تؤتاه، وأوتيت خيرا منه، أو صرف عنك بما هو لك خير. واعلم أنه رب أمر قد طلبت، فيه هلاك دينك لو أوتيته.
ومن الدعاء المرفوع: اللهم من أراد بنا سوءا فأحط به ذلك السوء كإحاطة القلائد بترائب الولائد، وأرسخه على هامته كرسوخ السجيل على قمم أصحاب الفيل.
سمع عمر رجلا يقول في دعائه: اللهم اجعلني من الأقلين! فقال: ما أردت بهذا؟ قال:
قول الله عز وجل: ﴿وما آمن معه إلا قليل﴾ (1)، وقوله تعالى: (وقليل من عبادي الشكور) (2)، فقال: عليكم من الدعاء بما عرف.
قال سعيد بن المسيب: مربى صلة بن أشيم، فقلت له: ادع لي، فقال: رغبك الله فيما يبقى، وزهدك فيما يفنى، ووهب لك اليقين الذي لا تسكن النفوس إلا إليه، ولا تعول إلا عليه.
كان علي بن عيسى بن ماهان صاحب خراسان، وفى أيامه عصام بن يوسف الزاهد، فلقيه في الطريق، وسلم عليه على، فأعرض عنه ولم يرد عليه، فوقف على، ورفع يديه وأسبل عينيه، وقال: اللهم إن هذا الرجل يتقرب إليك ببغضي، وأنا أتقرب إليك بحبة، فإن كنت غفرت له ببغضي، فاغفر لي بحبه، يا كريم! ثم سار.
قال الأصمعي: سمعت أعرابيا يدعو ويقول: اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله، وإن كان في الأرض فأخرجه، وإن كان بعيدا فقربه، وإن كان قريبا فيسره، وإن كان قليلا فكثرة، وإن كان كثيرا فبارك لي فيه.