شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٦ - الصفحة ١٤٢
سقاك أبو بكر بكأس روية * وأنهلك المأمون منها وعلكا (١) وخازن علمك المخزون بالجر صفة (علمك) والعلم الإلهي المخزون: هو ما أطلع الله تعالى عليه ورسوله من الأمور الخفية التي لا تتعلق بالأحكام الشرعية كالملاحم وأحكام الآخرة وغير ذلك، لأن الأمور الشرعية لا يجوز أن تكون مخزونة عن المكلفين.
وقوله: (وشهيدك يوم الدين)، أي شاهدك، قال سبحانه: ﴿فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا﴾ (2).
والبعيث: المبعوث (فعيل) بمعنى (مفعول) كقتيل وجريح وصريع. ومفسحا مصدر، أي وسع له مفسحا.
وقوله: (في ظلك) يمكن أن يكون مجازا، كقولهم: فلان يشملني بظله، أي بإحسانه وبره، ويمكن أن يكون حقيقة، ويعني به الظل الممدود الذي ذكره الله تعالى، فقال:
(وظل ممدود. وماء مسكوب) (3).
وقوله: (وأعل على بناء البانين بناءه) أي اجعل منزلته في دار الثواب أعلى المنازل.
وأتمم له نوره، من قوله تعالى: (ربنا أتمم لنا نورنا) (4). وقد روى أنه تطفأ سائر الأنوار إلا نور محمد صلى الله عليه وآله، ثم يعطى المخلصون (5) من أصحابه أنوارا يسيرة يبصرون بها مواطئ الاقدام، فيدعون إلى الله تعالى بزيادة تلك الأنوار وإتمامها ثم إن الله تعالى يتم نور محمد صلى الله عليه وآله، فيستطيل حتى يملأ الآفاق، فذلك هو إتمام نوره صلى الله عليه وآله.
قوله: (من ابتعاثك له)، أي في الآخرة.
مقبول الشهادة، أي مصدقا فيما يشهد به على أمته وعلى غيرها من الأمم.

(١) ديوانه ٣، وروايته: (شربت مع المأمون)، وقال في شرحه: (وكانت قريش تسمى النبي صلى الله عليه وسلم المأمون الأمين).
(٢) سورة النساء ٤١ (3) سورة الواقعة 30، 31 (4) سورة التحريم 8 (5) ج: (المكلفون).
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»
الفهرست