شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ٧
فلما قتل أمير المؤمنين عليه السلام أظهر مقالته، وصارت له طائفة وفرقة يصدقونه ويتبعونه، وقال لما بلغه قتل على: والله لو جئتمونا بدماغه في سبعين صرة، لعلمنا أنه لم يمت، ولا يموت حتى يسوق العرب بعصاه. فلما بلغ ابن عباس، ذلك قال: لو علمنا أنه يرجع لما تزوجنا نساءه، ولا قسمنا ميراثه.
قال أصحاب المقالات: واجتمع إلى عبد الله بن سبأ بالمدائن جماعة على هذا القول منهم عبد الله بن صبرة الهمداني، وعبد الله بن عمرو بن حرب الكندي، وآخرون غيرهما، وتفاقم أمرهم.
وشاع بين الناس قولهم، وصار لهم دعوة يدعون إليها، وشبهة يرجعون إليها، وهي ما ظهر وشاع بين الناس، من إخباره بالمغيبات حالا بعد حال، فقالوا: إن ذلك لا يمكن أن يكون إلا من الله تعالى، أو من حلت ذات الاله في جسده، ولعمري إنه لا يقدر على ذلك إلا بإقدار الله تعالى إياه عليه، ولكن لا يلزم من إقداره إياه عليه أن يكون هو الاله، أو تكون ذات الاله حالة فيه، وتعلق بعضهم بشبهة ضعيفة، نحو قول عمر وقد فقأ على عين إنسان ألحد في الحرم: ما أقول في يد الله، فقأت عينا في حرم الله! ونحو قول على: والله ما قلعت باب خيبر بقوة جسدانية، بل بقوة إلهية ونحو قول رسول الله صلى الله عليه وآله: (لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده) والذي هزم الأحزاب هو علي بن أبي طالب، لأنه قتل شجاعهم وفارسهم عمرا لما اقتحموا الخندق، فأصبحوا صبيحة تلك الليلة هاربين مفلولين، من غير حرب سوى قتل فارسهم.
وقد أومأ بعض شعراء الامامية إلى هذه القالة، فجعلها من فضائلة، وذلك قولة:
إذا كنتم ممن يرم لحاقه * فهلا برزتم نحو عمر ومرحب (1)

(1) عمرو بن ود ومرحب اليهودي، قتل على أولهما يوم الخندق وثانيهما يوم خيبر، خبرهما مشهور معروف.
(٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 58 - من كلام عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج وقيل له إن القوم قد عبروا جسر النهروان 3
2 بدء ظهور الغلاة 5
3 طرق الإخبار بالمغيبات 9
4 59 - من كلامه لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم 14
5 الكناية والرموز والتعريض وذكر مثل منها 15
6 الفرق بين الكناية والتعريض 59
7 مقتل الوليد بن طريف الخارجي ورثاء أخته له 73
8 خروج ابن عمرو الخثعمي وأمره مع محمد بن يوسف الطائي 74
9 ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج 76
10 60 - من كلام له عليه السلام في الخوارج 78
11 عود إلى أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 80
12 مرداس بن حدير 82
13 عمران بن حطان 91
14 المستورد السعدي 97
15 حوثرة الأسدي 98
16 أبو الوازع الراسبي 102
17 عمران بن الحارث الراسبي 103
18 عبد الله بن يحيى والمختار بن عوف 106
19 خطب أبي حمزة الشاري 114
20 أخبار متفرقة عن أحوال معاوية 129
21 61 - من كلام له لما خوف الغيلة 132
22 اختلاف الناس في الآجال 133
23 62 - من كلام له في وصف الدنيا 140
24 63 - من كلام له في الحض على الزهد والاستعداد لما بعد الموت 145
25 عظة للحسن البصري 147
26 من خطب عمر بن عبد العزيز 150
27 من خطب ابن نباتة 151
28 64 من خطبة له في تنزيه الله سبحانه وتقديسه 153
29 اختلاف الأقوال في خلق العالم 157
30 65 - من كلام له كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين 168
31 من أخبار يوم صفين 175