فلما قتل أمير المؤمنين عليه السلام أظهر مقالته، وصارت له طائفة وفرقة يصدقونه ويتبعونه، وقال لما بلغه قتل على: والله لو جئتمونا بدماغه في سبعين صرة، لعلمنا أنه لم يمت، ولا يموت حتى يسوق العرب بعصاه. فلما بلغ ابن عباس، ذلك قال: لو علمنا أنه يرجع لما تزوجنا نساءه، ولا قسمنا ميراثه.
قال أصحاب المقالات: واجتمع إلى عبد الله بن سبأ بالمدائن جماعة على هذا القول منهم عبد الله بن صبرة الهمداني، وعبد الله بن عمرو بن حرب الكندي، وآخرون غيرهما، وتفاقم أمرهم.
وشاع بين الناس قولهم، وصار لهم دعوة يدعون إليها، وشبهة يرجعون إليها، وهي ما ظهر وشاع بين الناس، من إخباره بالمغيبات حالا بعد حال، فقالوا: إن ذلك لا يمكن أن يكون إلا من الله تعالى، أو من حلت ذات الاله في جسده، ولعمري إنه لا يقدر على ذلك إلا بإقدار الله تعالى إياه عليه، ولكن لا يلزم من إقداره إياه عليه أن يكون هو الاله، أو تكون ذات الاله حالة فيه، وتعلق بعضهم بشبهة ضعيفة، نحو قول عمر وقد فقأ على عين إنسان ألحد في الحرم: ما أقول في يد الله، فقأت عينا في حرم الله! ونحو قول على: والله ما قلعت باب خيبر بقوة جسدانية، بل بقوة إلهية ونحو قول رسول الله صلى الله عليه وآله: (لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده) والذي هزم الأحزاب هو علي بن أبي طالب، لأنه قتل شجاعهم وفارسهم عمرا لما اقتحموا الخندق، فأصبحوا صبيحة تلك الليلة هاربين مفلولين، من غير حرب سوى قتل فارسهم.
وقد أومأ بعض شعراء الامامية إلى هذه القالة، فجعلها من فضائلة، وذلك قولة:
إذا كنتم ممن يرم لحاقه * فهلا برزتم نحو عمر ومرحب (1)