شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ٤٧
فانبذ بمن (1) أطاعك إلى من عصاك، فجاهدهم فإن ظهرت فهو ما ظننت، وإلا فطاولهم وماطلهم، فكأن كتائب المسلمين قد أطلت عليك، فقتل الله المفسدين الظالمين، ونصر المؤمنين المحقين، والسلام.
فلما قرأه زياد أقرأه أعين بن ضبيعة، فقال له: إني لأرجو أن يكفي هذا الامر إن شاء الله. ثم خرج من عنده، فأتى رحله، فجمع إليه رجالا من قومه، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
يا قوم، على ماذا تقتلون أنفسكم، وتهريقون دماءكم على الباطل مع السفهاء الأشرار!
وإني والله ما جئتكم حتى عبيت إليكم الجنود، فإن تنيبوا إلى الحق يقبل منكم، ويكف عنكم، وإن أبيتم فهو والله استئصالكم وبواركم.
فقالوا: بل نسمع ونطيع. فقال: انهضوا الان على بركة الله عز وجل فنهض بهم إلى جماعة ابن الحضرمي، فخرجوا إليه مع ابن الحضرمي فصافوه وواقفهم (2) عامة يومه يناشدهم الله، ويقول: يا قوم لا تنكثوا بيعتكم، ولا تخالفوا إمامكم، ولا تجعلوا على أنفسكم سبيلا، فقد رأيتم وجربتم كيف صنع الله بكم عند نكثكم بيعتكم وخلافكم..
فكفوا عنه، ولم يكن بينه وبينهم قتال، وهم في ذلك يشتمونه وينالون منه، فانصرف عنهم وهو منهم منتصف. فلما أوى إلى رحله تبعه عشرة نفر يظن الناس أنهم خوارج، فضربوه بأسيافهم وهو على فراشه، ولا يظن أن الذي كان يكون، فخرج يشتد عريانا، فلحقوه في الطريق فقتلوه، فأراد زياد أن يناهض ابن الحضرمي حين قتل أعين بجماعة من معه من الأزد وغيرهم من شيعة علي عليه السلام، فأرسل بنو تميم إلى الأزد: والله ما عرضنا لجاركم إذ أجرتموه، ولا لمال هو له، ولا لأحد ليس على رأينا، فما تريدون

(1) كذا في ا، ج، وفي ب: (من).
(2) صافوه، أي وقفوا صفوفا ويقال: واقفه في الحرب، أي وقف كل منهما مع الاخر.
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232