فانبذ بمن (1) أطاعك إلى من عصاك، فجاهدهم فإن ظهرت فهو ما ظننت، وإلا فطاولهم وماطلهم، فكأن كتائب المسلمين قد أطلت عليك، فقتل الله المفسدين الظالمين، ونصر المؤمنين المحقين، والسلام.
فلما قرأه زياد أقرأه أعين بن ضبيعة، فقال له: إني لأرجو أن يكفي هذا الامر إن شاء الله. ثم خرج من عنده، فأتى رحله، فجمع إليه رجالا من قومه، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
يا قوم، على ماذا تقتلون أنفسكم، وتهريقون دماءكم على الباطل مع السفهاء الأشرار!
وإني والله ما جئتكم حتى عبيت إليكم الجنود، فإن تنيبوا إلى الحق يقبل منكم، ويكف عنكم، وإن أبيتم فهو والله استئصالكم وبواركم.
فقالوا: بل نسمع ونطيع. فقال: انهضوا الان على بركة الله عز وجل فنهض بهم إلى جماعة ابن الحضرمي، فخرجوا إليه مع ابن الحضرمي فصافوه وواقفهم (2) عامة يومه يناشدهم الله، ويقول: يا قوم لا تنكثوا بيعتكم، ولا تخالفوا إمامكم، ولا تجعلوا على أنفسكم سبيلا، فقد رأيتم وجربتم كيف صنع الله بكم عند نكثكم بيعتكم وخلافكم..
فكفوا عنه، ولم يكن بينه وبينهم قتال، وهم في ذلك يشتمونه وينالون منه، فانصرف عنهم وهو منهم منتصف. فلما أوى إلى رحله تبعه عشرة نفر يظن الناس أنهم خوارج، فضربوه بأسيافهم وهو على فراشه، ولا يظن أن الذي كان يكون، فخرج يشتد عريانا، فلحقوه في الطريق فقتلوه، فأراد زياد أن يناهض ابن الحضرمي حين قتل أعين بجماعة من معه من الأزد وغيرهم من شيعة علي عليه السلام، فأرسل بنو تميم إلى الأزد: والله ما عرضنا لجاركم إذ أجرتموه، ولا لمال هو له، ولا لأحد ليس على رأينا، فما تريدون