في خمسين رجلا من بنى تميم، ما كان فيهم يماني غيري، وكنت شديد التشيع، فقلت لجارية: إن شئت كنت معك، وإن شئت ملت إلى قومي! فقال: بل معي، فوالله لوددت أن الطير والبهائم تنصرني عليهم، فضلا عن الانس * * * قال: وروى كعب بن قعين أن عليا عليه السلام كتب مع جارية كتابا، وقال:
أقرأه على أصحابك، قال: فمضينا معه، فلما دخلنا البصرة، بدأ بزياد، فرحب به وأجلسه إلى جانبه، وناجاه ساعة وساءله، ثم خرج فكان أفضل ما أوصاه به أن قال: احذر على نفسك، واتق أن تلقى ما لقى صاحبك القادم قبلك.
وخرج جارية من عنده، فقام في الأزد، فقال: جزاكم الله من حي خيرا! ما أعظم غناءكم، وأحسن بلاءكم، وأطوعكم لأميركم! لقد عرفتم الحق إذ ضيعه من أنكره، ودعوتم إلى الهدى إذ تركه من لم يعرفه. ثم قرأ عليهم وعلى من كان معه من شيعة علي عليه السلام وغيرهم - كتاب علي عليه السلام، فإذا فيه:
من عبد الله على أمير المؤمنين إلى من قرئ عليه كتابي هذا من ساكني البصرة من المؤمنين والمسلمين:
سلام عليكم، أما بعد فإن الله حليم ذو أناة، لا يعجل بالعقوبة قبل البينة، ولا يأخذ المذنب عند أول وهلة، ولكنه يقبل التوبة، ويستديم الأناة، ويرضى بالإنابة، ليكون أعظم للحجة، وأبلغ في المعذرة، وقد كان من شقاق جلكم أيها الناس ما استحققتم أن تعاقبوا عليه، فعفوت عن مجرمكم، ورفعت السيف عن مدبركم، وقبلت من مقبلكم، وأخذت بيعتكم، فإن تفوا ببيعتي، وتقبلوا نصيحتي، وتستقيموا على طاعتي، أعمل