شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ٤٤
ما أبقت عواقب الجمل عليكم إلا سوء الذكر، وقد كنتم أمس على علي عليه السلام، فكونوا اليوم له، واعلموا أن إسلامكم له ذل، وخذلانكم إياه عار، وأنتم حي مضماركم الصبر، وعاقبتكم الوفاء، فإن سار القوم بصاحبهم فسيروا بصاحبكم، وإن استمدوا معاوية، فاستمدوا عليا عليه السلام، وإن وادعوكم فوادعوهم.
ثم قام صبرة ابنه، فقال: يا معشر الأزد، إنا قلنا يوم الجمل: نمنع مصرنا، ونطيع أمنا، نطلب دم خليفتنا المظلوم، فجددنا في القتال، وأقمنا بعد انهزام الناس، حتى قتل منا من لا خير فينا بعده، وهذا زياد جاركم اليوم، والجار مضمون، ولسنا نخاف من على ما نخاف من معاوية، فهبوا لنا أنفسكم، وامنعوا جاركم أو فأبلغوه مأمنه.
فقالت الأزد: إنما نحن لكم تبع فأجيروه. فضحك زياد، وقال: يا صبرة، أتخشون ألا تقوموا لبني تميم! فقال صبرة: إن جاؤونا بالأحنف جئناهم بأبي صبرة، (1 وإن جاؤونا بالحباب جئت أنا، وإن كان فيهم شباب كثير 1) فقال زياد: إنما كنت مازحا.
فلما رأت بنو تميم أن الأزد قد قامت دون زياد بعثت إليهم: أخرجوا صاحبكم ونحن نخرج صاحبنا، فأي الأميرين غلب - على أو معاوية - دخلنا في طاعته، ولا نهلك عامتنا.
فبعث إليهم أبو صبرة إنما كان هذا يرجى عندنا قبل أن نجيره، ولعمري ما قتل زياد وإخراجه إلا سواء، وإنكم لتعلمون أنا لم نجره إلا كرما، فالهوا عن هذا.
* * * قال: وروى أبو الكنود أن شبث بن ربعي قال لعلي عليه السلام: يا أمير المؤمنين، ابعث إلى هذا الحي من تميم، فادعهم إلى طاعتك، ولزوم بيعتك، ولا تسلط عليهم، أزد عمان البعداء البغضاء، فإن واحدا من قومك خير لك من عشرة من غيرهم.

(1 - 1) كذا في الأصول، وفي العبارة غموض.
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232