فقال له مخنف بن سليم الأزدي: إن البعيد البغيض، من عصى الله وخالف أمير المؤمنين، وهم قومك، وإن الحبيب القريب من أطاع الله ونصر أمير المؤمنين، وهم قومي، واحدهم خير لأمير المؤمنين من عشرة من قومك.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: مه! تناهوا أيها الناس، وليردعكم الاسلام ووقاره عن التباغي والتهاذي، ولتجتمع كلمتكم، والزموا دين الله الذي لا يقبل من أحد غيره، وكلمة الاخلاص التي هي قوام الدين، وحجة الله على الكافرين، واذكروا إذ كنتم قليلا مشركين متباغضين متفرقين، فألف بينكم بالاسلام فكثرتم، واجتمعتم وتحاببتم.
فلا تفرقوا بعد إذ اجتمعتم، ولا تتباغضوا بعد إذ تحاببتم، وإذا رأيتم الناس بينهم النائرة (1) وقد تداعوا إلى العشائر والقبائل، فاقصدوا لهامهم ووجوههم بالسيف حتى يفزعوا إلى الله، وإلى كتابه وسنة نبيه، فأما تلك الحمية من خطرات الشياطين فانتهوا عنها، لا أبا لكم تفلحوا وتنجحوا!
ثم إنه عليه السلام دعا أعين بن ضبيعة المجاشعي، وقال: يا أعين، ألم يبلغك أن قومك وثبوا على عاملي مع ابن الحضرمي بالبصرة، يدعون إلى فراقي وشقاقي ويساعدون الضلال القاسطين على!
فقال: لا تسأل يا أمير المؤمنين، ولا يكن ما تكره. ابعثني إليهم، فأنا لك زعيم بطاعتهم وتفريق جماعتهم، ونفى ابن الحضرمي من البصرة أو قتله.
قال: فأخرج الساعة.
فخرج من عنده ومضى حتى قدم البصرة.