فلم ير زياد من القوم ما يطمئن إليه، فبعث إلى صبرة بن شيمان الأزدي، فقال:
يا بن شيمان، أنت سيد قومك، وأحد عظماء هذا المصر، فإن يكن فيه أحد هو أعظم أهله فأنت ذاك، أفلا تجيرني و تمنعني، وتمنع بيت مال المسلمين! فإنما أنا أمين عليه.
فقال: بلى، إن تحملت حتى تنزل في داري منعتك، فقال: إني فاعل.
فارتحل ليلا حتى نزل دار صبرة بن شيمان، وكتب إلى عبد الله بن عباس - ولم يكن معاوية ادعى زيادا بعد، لأنه إنما ادعاه بعد وفاة علي عليه السلام:
للأمير (1) عبد الله بن عباس من زياد بن عبيد.
سلام عليك، أما بعد فإن عبد الله بن عامر بن الحضرمي أقبل من قبل معاوية حتى نزل في بنى تميم، ونعى ابن عفان، ودعا إلى حرب، فبايعه جل أهل البصرة، فلما رأيت ذلك استجرت بالأزد، بصبرة بن شيمان وقومه لنفسي ولبيت مال المسلمين، ورحلت من قصر الامارة فنزلت فيهم، وإن الأزد معي، وشيعة أمير المؤمنين من فرسان القبائل تختلف إلى وشيعة عثمان تختلف إلى ابن الحضرمي، والقصر خال منا ومنهم، فارفع ذلك إلى أمير المؤمنين، ليرى فيه رأيه، وأعجل إلى بالذي ترى أن يكون منه فيه. والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
قال: فرفع ذلك ابن عباس إلى علي عليه السلام، وشاع في الناس بالكوفة ما كان من ذلك، وكانت بنو تميم وقيس، ومن يرى رأى عثمان قد أمروا ابن الحضرمي أن يسير إلى قصر الامارة حين خلاه زياد، فلما تهيأ لذلك ودعا أصحابه، ركبت الأزد، وبعثت إليه وإليهم: إنا والله لا ندعكم تأتون القصر فتنزلون فيه من لا نرضى، ومن نحن له كارهون، حتى يأتي رجل لنا ولكم رضا، فأبى أصحاب ابن الحضرمي إلا أن يسيروا إلى القصر، وأبت الأزد إلا أن يمنعوهم. فركب الأحنف، فقال لأصحاب ابن الحضرمي: إنكم والله