شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ٥٢
قال إبراهيم: فأما جارية فإنه كلم قومه فلم يجيبوه، وخرج إليه منهم أوباش (1) فناوشوه بعد أن شتموه وأسمعوه، فأرسل إلى زياد والأزد، يستصرخهم ويأمرهم أن يسيروا إليه فسارت الأزد بزياد، وخرج إليهم ابن الحضرمي، وعلى خيله عبد الله بن خازم السلمي، فاقتتلوا ساعة، وأقبل شريك بن الأعور الحارثي - وكان من شيعة علي عليه السلام، وصديقا لجارية بن قدامة - فقال: ألا أقاتل معك عدوك؟ فقال: بلى، فما لبثت بنو تميم أن هزموهم واضطروهم إلى دار سنبيل السعدي، فحصروا ابن الحضرمي وحدوه، فأتى رجل من بنى تميم، ومعه عبد الله بن خازم السلمي، فجاءت أمه وهي سوداء حبشية اسمها عجلى، فنادته، فأشرف عليها، فقالت: يا بنى، انزل إلى، فأبى فكشفت رأسها وأبدت قناعها، وسألته النزول فأبى، فقالت: والله لتنزلن أو لا تعرين، وأهوت بيدها إلى ثيابها (2)، فلما رأى ذلك نزل، فذهبت به، وأحاط جارية وزياد بالدار، وقال جارية: على بالنار، فقالت الأزد: لسنا من الحريق بالنار في شئ، وهم قومك وأنت أعلم، فحرق جارية الدار عليهم، فهلك ابن الحضرمي في سبعين رجلا، أحدهم عبد الرحمن بن عمير بن عثمان القرشي التيمي، وسمى جارية منذ ذلك اليوم محرقا، وسارت الأزد بزياد حتى أوطنوه قصر الامارة، ومعه بيت المال، وقالت له: هل بقي علينا من جوارك شئ؟ قال:
لا، قالوا: فبرئنا منه؟ فقال: نعم، فانصرفوا عنه. وكتب زياد إلى أمير المؤمنين عليه السلام:
أما بعد، فإن جارية بن قدامة العبد الصالح قدم من عندك، فناهض جمع ابن الحضرمي بمن نصره وأعانه من الأزد، ففضه واضطره إلى دار من دور البصرة في عدد كثير من أصحابه، فلم يخرج حتى حكم الله تعالى بينهما، فقتل ابن الحضرمي وأصحابه، منهم من أحرق بالنار، ومنهم من ألقى عليه جدار، ومنهم من هدم عليه البيت من أعلاه، ومنهم من قتل بالسيف، وسلم

(1) الأوباش: الأخلاط والسفلة من الناس.
(2) ا، ب: (ساقها).
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232