ما أنتم أحق بقصر الامارة من القوم، وما لكم أن تؤمروا عليهم من يكرهونه، فانصرفوا عنهم: ففعلوا، ثم جاء إلى الأزد، فقال: إنه لم يكن ما تكرهون، ولا يؤتى إلا ما تحبون، فانصرفوا رحمكم الله، ففعلوا.
* * * قال إبراهيم: وحدثنا محمد بن عبد الله بن أبي سيف، عن الكلبي، أن ابن الحضرمي لما أتى البصرة، ودخلها نزل في بنى تميم في دار سنبيل (1)، ودعا بنى تميم وأخلاط مضر، فقال زياد لأبي الأسود الدؤلي: أما ترى ما صغى (2) أهل البصرة إلى معاوية، وما في الأزد لي مطمع، فقال: إن كنت تركتهم لم ينصروك، وإن أصبحت فيهم منعوك.
فخرج زياد من ليلته، فأتى صبرة بن شيمان الحداني الأزدي، فأجاره، وقال له حين أصبح: يا زياد، إنه ليس حسنا بنا أن تقيم فينا مختفيا أكثر من يومك هذا، فأعد له منبرا وسريرا في مسجد الحدان، وجعل له شرطا، وصلى بهم الجمعة في مسجد الحدان.
وغلب ابن الحضرمي على ما يليه من البصرة وجباها، وأجمعت الأزد على زياد، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
يا معشر الأزد، إنكم كنتم أعدائي فأصبحتم أوليائي، وأولى الناس بي. وإني لو كنت في بنى تميم وابن الحضرمي فيكم لم أطمع فيه أبدا وأنتم دونه، فلا يطمع ابن الحضرمي في وأنتم دوني، وليس ابن آكلة الا كباد في بقية الأحزاب وأولياء الشيطان بأدنى إلى الغلبة من أمير المؤمنين في المهاجرين والأنصار، وقد أصبحت فيكم مضمونا، وأمانة مؤداة، وقد رأينا وقعتكم يوم الجمل، فاصبروا مع الحق صبركم مع الباطل، فإنكم لا تحمدون إلا على النجدة، ولا تعذرون على الجبن.
فقام شيمان أبو صبرة - ولم يكن شهد يوم الجمل، وكان غائبا - فقال: يا معشر الأزد،