شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٤ - الصفحة ٤٣
ما أنتم أحق بقصر الامارة من القوم، وما لكم أن تؤمروا عليهم من يكرهونه، فانصرفوا عنهم: ففعلوا، ثم جاء إلى الأزد، فقال: إنه لم يكن ما تكرهون، ولا يؤتى إلا ما تحبون، فانصرفوا رحمكم الله، ففعلوا.
* * * قال إبراهيم: وحدثنا محمد بن عبد الله بن أبي سيف، عن الكلبي، أن ابن الحضرمي لما أتى البصرة، ودخلها نزل في بنى تميم في دار سنبيل (1)، ودعا بنى تميم وأخلاط مضر، فقال زياد لأبي الأسود الدؤلي: أما ترى ما صغى (2) أهل البصرة إلى معاوية، وما في الأزد لي مطمع، فقال: إن كنت تركتهم لم ينصروك، وإن أصبحت فيهم منعوك.
فخرج زياد من ليلته، فأتى صبرة بن شيمان الحداني الأزدي، فأجاره، وقال له حين أصبح: يا زياد، إنه ليس حسنا بنا أن تقيم فينا مختفيا أكثر من يومك هذا، فأعد له منبرا وسريرا في مسجد الحدان، وجعل له شرطا، وصلى بهم الجمعة في مسجد الحدان.
وغلب ابن الحضرمي على ما يليه من البصرة وجباها، وأجمعت الأزد على زياد، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
يا معشر الأزد، إنكم كنتم أعدائي فأصبحتم أوليائي، وأولى الناس بي. وإني لو كنت في بنى تميم وابن الحضرمي فيكم لم أطمع فيه أبدا وأنتم دونه، فلا يطمع ابن الحضرمي في وأنتم دوني، وليس ابن آكلة الا كباد في بقية الأحزاب وأولياء الشيطان بأدنى إلى الغلبة من أمير المؤمنين في المهاجرين والأنصار، وقد أصبحت فيكم مضمونا، وأمانة مؤداة، وقد رأينا وقعتكم يوم الجمل، فاصبروا مع الحق صبركم مع الباطل، فإنكم لا تحمدون إلا على النجدة، ولا تعذرون على الجبن.
فقام شيمان أبو صبرة - ولم يكن شهد يوم الجمل، وكان غائبا - فقال: يا معشر الأزد،

(١) في الأصول: (سبيل)، والصواب ما أثبته من تاريخ الطبري ٥: ١١٢.
(2) ب: (صغو أهل البصرة).
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اختلاف الفقهاء في حكم الأضحية 3
2 53 - ومن كلام له عليه السلام في ذكر البيعة 6
3 بيعة علي وأمر المتخلفين عنها 7
4 54 - ومن كلام له عليه السلام وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين 12
5 من أخبار يوم صفين 13
6 فتنة عبد الله بن الحضرمي بالبصرة 34
7 56 - ومن كلام له عليه السلام يخبر به عمن يأمر بسبه 54
8 مسألة كلامية في الأمر بالشئ مع العلم بأنه لا يقع 55
9 فصل فيما روى من سب معاوية وحزبه لعلي 56
10 فصل في ذكر الأحاديث الموضوعة في ذم علي 63
11 فصل في ذكر المنحرفين عن علي 74
12 فصل في معنى قول علي: " فسبوني فإنه لي زكاة " 111
13 فصل في اختلاف الرأي في معنى السب والبراءة 113
14 فصل في معنى قول على: " إني ولدت على الفطرة " 114
15 فصل فيما قيل من سبق علي إلى الإسلام 116
16 فصل فيما قيل من سبق على إلى الهجرة 125
17 57 - ومن كلام له عليه السلام كلم به الخوارج 129
18 أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 132
19 عروة بن حدير 132
20 نجدة بن عويمر الحنفي 132
21 المستورد بن سعد التميمي 134
22 حوثرة الأسدي 134
23 قريب بن مرة و زحاف الطائي 135
24 نافع بن الأزرق الحنفي 136
25 عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي 141
26 الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب 144
27 قطري بن الفجاءة المازني 167
28 عبد ربه الصغير 204
29 طرف من أخبار المهلب 213
30 شبيب بن زيد الشيباني 225
31 دخول شبيب الكوفة وأمره مع الحجاج 232