ثم دعا الحجاج بالجزل، وهو عثمان بن سعيد، فقال له: تيسر للخروج إلى هذه المارقة، فإذا لقيتهم فلا تعجل عجلة الخرق النزق (1)، ولا تحجم إحجام الواني الفرق (2)، أفهمت (3)؟ قال: نعم أصلح الله الأمير قد فهمت، قال: فأخرج وعسكر بدير عبد الرحمن حتى يخرج الناس إليك، فقال: أصلح الله الأمير! لا تبعث معي أحدا من الجند المهزوم المفلول، فإن الرعب قد دخل قلوبهم، وقد خشيت ألا ينفعك والمسلمين منهم أحد، قال: ذلك لك، ولا أراك إلا قد أحسنت الرأي، ووفقت، ثم دعا أصحاب الدواوين، فقال، اضربوا على الناس البعث، وأخرجوا أربعة آلاف من الناس، وعجلوا، فجمعت العرفاء، وجلس أصحاب الدواوين، وضربوا البعث، فأخرجوا أربعة آلاف، فأمرهم باللحاق بالعسكر، ثم نودي فيهم بالرحيل، فارتحلوا، ونادى منادى الحجاج: أن برئت الذمة من رجل أصبناه من بعث الجزل متخلفا.
فمضى بهم الجزل، [وقد قدم بين يديه عياض بن أبي لينة الكندي على مقدمته فخرج] (4)، حتى أتى المدائن، فأقام بها ثلاثا، ثم خرج وبعث إليه ابن أبي عصيفير بفرس وبرذون وألفى درهم، ووضع للناس من الحطب (5) والعلف ما كفاهم ثلاثة أيام، وأصاب الناس ما شاءوا من ذلك.
* * * ثم إن الجزل خرج بالناس إثر شبيب، فطلبه في أرض جوخى، فجعل شبيب يريه الهيبة، فيخرج من رستاق إلى رستاق، ومن طسوج إلى طسوج [ولا يقيم له] (4)،