يريد بذلك أن يفرق الجزل أصحابه، ويتعجل إليه فيلقاه في عدد يسير على غير تعبية، فجعل الجزل لا يسير إلا على تعبية، ولا ينزل إلا خندق على نفسه وأصحابه، فلما طال ذلك على شبيب، دعا يوما أصحابه، وهم مائة وستون رجلا، هو في أربعين، ومصاد أخوه في أربعين، وسويد بن سليم في أربعين، والمحلل بن وائل في أربعين، وقد أتته عيونه [فأخبرته] (1)، أن الجزل بن سعيد قد نزل ببئر سعيد (2). فقال لأخيه وللأمراء الذين ذكرناهم: إني أريد أن أبيت الليلة هذا العسكر، فأتهم أنت يا مصاد من قبل حلوان (3)، وسآتيهم أنا من أمامهم من قبل الكوفة، وأتهم أنت يا سويد من قبل المشرق، وأتهم أنت يا محلل، من قبل المغرب، وليلج كل امرئ منكم على الجانب الذي يحمل عليه، ولا تقلعوا عنهم حتى يأتيكم أمري.
قال فروة بن لقيط (4): وكنت أنا في الأربعين الذين كانوا معه (5، فقال لجماعتنا: تيسروا، وليسر كل امرئ منكم مع أميره، ولينظر ما يأمره به أميره فليتبعه، فلما قضمت دوابنا - وذلك أول ما هدأت العيون - خرجنا حتى انتهينا إلى دير الخرارة، فإذا القوم عليهم مسلحة بن أبي لينة، فما هو إلا أن رآهم مصاد أخو شبيب حتى حمل عليهم في أربعين رجلا، وكان شبيب أراد أن يرتفع عليهم، حتى يأتيهم من ورائهم، كما أمره 5).