مشرقا، قالوا: هرب عدو الله، واتبعوه. فقال لهم عدى بن عميرة الشيباني: أيها الناس، لا تعجلوا عليهم حتى نضرب في الأرض ونستبرئها (1): فإن يكونوا أكمنوا كمينا حذرناه، وإلا كان طلبهم بين أيدينا لن يفوتنا. فلم يسمعوا منه، فأسرعوا في آثارهم.
* * * فلما رأى شبيب أنهم قد جازوا الكمين، عطف عليهم، فحمل من أمامهم، وخرج الكمين من ورائهم، فلم يقاتل (2) أحد، وإنما كانت الهزيمة، وثبت سفيان بن أبي العالية في مائتي رجل، فقاتل (3 قتالا شديدا حتى انتصف من شبيب 3)، فقال سويد بن سليم لأصحابه: أمنكم أحد يعرف أمير القوم ابن أبي العالية (4)؟ فقال له شبيب: أنا من أعرف الناس به، أما ترى صاحب الفرس الأغر الذي دونه المرامية! فإنه هو، (5) فإن كنت تريده فأمهله قليلا.
ثم قال: يا قعنب، اخرج في عشرين، فأتهم من ورائهم. فخرج قعنب في عشرين فارتفع عليهم، فلما رأوه يريد أن يأتيهم من ورائهم، جعلوا ينتقصون ويتسللون، وحمل سويد بن سليم على سفيان بن أبي العالية يطاعنه (6)، فلم تصنع رماحهما شيئا، ثم اضطربا بسيفهما، ثم اعتنق كل واحد منهما صاحبه، فوقعا إلى الأرض يعتركان، ثم تحاجزا، وحمل عليهم شبيب، فانكشف من كان مع سفيان، ونزل غلام له يقال له غزوان عن برذونه، وقال لسفيان: اركب يا مولاي، فركب سفيان، وأحاط به أصحاب شبيب، فقاتل دونه غزوان حتى قتل، وكان معه رايته، وأقبل سفيان منهزما، حتى انتهى