فأجابه صالح بجواب جميل، يقول فيه (1: إنه لم يمنعني من الخروج - مع ما أنا فيه من الاستعداد - إلا انتظارك، فاقدم علينا، ثم اخرج بنا، فإنك ممن لا تقضى الأمور دونه، والسلام عليك 1).
فلما ورد كتابه على شبيب، دعا القراء من أصحابه، فجمعهم إليه، منهم أخوه مصاد ابن يزيد والمحلل بن وائل، والصقر بن حاتم، وإبراهيم بن حجر وجماعة مثلهم (2)، ثم خرج حتى قدم على صالح بن مسرح، وهو بدارات (3) أرض الموصل، فبث صالح رسله، وواعدهم بالخروج، في هلال صفر ليلة الأربعاء سنة ست وتسعين.
فاجتمع بعضهم إلى بعض، واجتمعوا عنده تلك الليلة، فحدث فروة بن لقيط (4)، قال: إني لمعهم تلك الليلة عند صالح (5)، وكان رأيي استعراض الناس، لما رأيت من المكر والفساد في الأرض، فقمت إليه، فقلت: يا أمير المؤمنين، كيف ترى السيرة في هؤلاء الظلمة، أنقتلهم قبل الدعاء، أم ندعوهم قبل القتال؟ فإني أخبرك برأيي فيهم قبل أن تخبرني بذلك، إنا نخرج على قوم طاغين، قد تركوا أمر الله، أو راضين بذلك، فأرى أن نضع السيف، فقال: لا، بل ندعوهم، ولعمري لا يجيبك إلا من يرى رأيك، وليقاتلنك من يزرى عليك، والدعاء أقطع لحجتهم، وأبلغ في الحجة عليهم لك. فقلت: